الدكتورة: مزوز بركو ...::|الاساتذة والمساعدين التربويين|::...
مساهماتي : 32 تاريخ الميلادي: : 01/07/1972 تاريخ التسجيل : 02/05/2011 عمـــري: : 52
| موضوع: الاستراتيجيات العلاجية والوقائية للتكفل بالمراهقين المدمنين : جمعتها الدكتورة مزوز بركو الجمعة 27 مايو - 20:48 | |
| الاستراتيجيات العلاجية والوقائية للتكفل بالمراهقين المدمنين : 1) التدابير الأساسية للتأهيل والوقاية:
لقد نشأت الحاجة إلى التأهيل بنوعيه النفسي والاجتماعي عند اتخاذ التدابير الاحتوائية في علاج الإدمان من خلال الأخذ بعين الاعتبار النقاط التالية :- التسليم بحتمية التركيز على المراهق المدمن بتاريخه الطويل من التفاعل النفسي والاجتماعي في كافة السياقات الاجتماعية المختلفة ، والإطار العريض بدلا من التركيز على خبرة المدمن في التعامل مع المواد التي أدمنها .- الثقل النفسي الذي تمثله خبرة التعاطي والإدمان على من يعايش هذه الخبرة إلى الحد الذي يهون معه التخلي عن الأدوار الاجتماعية والخروج من دائرة التوقعات (حقوق وواجبات).- لا يمكن احتواء خبرة الإدمان واكتشاف المدخل الملائم لهذا الاحتواء، إلا في ظل التسليم بأن إدمان المواد المؤثرة في الجهاز العصبي أو الحالة المزاجية ، ليس نتاج اللحظة التي يُقدم فيها المدمن على تعاطي هذه المواد، بل تقف وراء الإدمان سيكولوجية خاصة بدأت طريقها إلى البناء النفسي للشخص ومنذ فترة.- إذا ركزنا على الإدمان فإن وراءه مجموعة كبيرة من الاضطرابات التي تغذيه وتسانده أي أن الإدمان عرض لمجموعة مختلفة من الاضطرابات.- يترتب على كل ما سبق حقيقة مؤداها: أن توقف الجهود عند خبرة التعاطي فقط، لا يكون له مردود إيجابي، بل يجب أن نسعى إلى معرفة الإجابة عن عدة تساؤلات : * لماذا يتعاطى المدمن ؟ * ما الذي يحققه من تعاطيه أيا كانت المواد التي يتعاطاها ؟ * ما طبيعة البناء النفسي الذي قاد هذا الشخص تحديدا إلى الإدمان ؟[/b]
- حين نتعامل مع سيكولوجية المدمن، لا بد أن نتعامل من خلال منهج تكاملي يستوعب كافة الأبعاد الهامة في خبرة الإدمان: أبعاد بيولوجية، نفسية ، اجتماعية، وأبعاد أخرى يتم اكتشافها مع السياقات المختلفة التي يتفاعل من خلالها المدمن .
- التكفل الفارماكولوجي (الدوائي) لا يحل المشكلة إلا عند 10% من المدمنين فقط حيث يميل فقط لتطهير الجسم من السموم والتي تستغرق في أغلب الأحيان أكثر من أسبوعين، وهذا الإجراء يجعل المدمن يعاود التعاطي مرة أخرى، لذا نكون قد تعاملنا مع العرض(الآثار الإنسحابية) وليس مع الدوافع والاحتياجات التي تجعل نفسية المدمن في حالة شوق مستمر لوجود المخدر في جسده .
2) إجراءات التأهيل : يعرَّفُ التأهيل بأنه:"مجموعة من الإجراءات التي تتخذ من قبل المدمنين ، لإعدادهم نفسيا واجتماعيا وطبيا لممارسة أدوارهم المهنية والاجتماعية الطبيعية التي خلعوا أنفسهم منها جراء اعتمادهم على مادة من المواد المؤثرة في لجهاز العصبي" .
ومن الإجراءات المتخذة في التأهيل نذكر :
1- ضرورة خلق التوازن بين كافة العلاجات التي يجب أن تُقدم للمدمن(النموذج الطبي، النفسين الاجتماعي ، الديني).
2- الهدف من التأهيل ليس إعادة المدمن إلى الحالة التي كان عليها قبل تورطه في خبرة الإدمان ، بل تعامل التأهيل مع السياقات الإدمانية التي جعلته يدمن وأخذ بعين الاعتبار هذه السياقات بعين الاعتبار في البرامج التأهيلية .
3- إعادة النظر في مفهوم"الخلع" أي خلع المدمن من السياقات الاجتماعية والأدوار المختلفة التي كان يقوم بها قبل تورطه في فعل الإدمان .
4- العمل على تدريب المدمن على كيفية إعادته إلى المجتمع كما كان من قبل .
5- تدريب المدمن على كيفية التعامل مع السياقات الاجتماعية ، إذا كان السياق الاجتماعي يُفرز هذا المدمن، فإنه لابد من أخذ بعين الاعتبار ضرورة وجود برامج تأهيلية تستهدف الآباء بتعديل السلوك ومعاونتهم على صياغة التفاعلات الصحية في رحاب الأسرة .
7- أخذ التأهيل المهني بعين الاعتبار ، والمتمثل في إعادة المدمن للممارسة المهنية بكل مقتضياتها وسبلها .
8- عند الشروع في تقديم خدمة نفسية للمدمن يجب أن تكون موسومة بالعون والرعاية في سياق عملية التأهيل وذلك بمعرفة العناصر الهامة في سيكولوجية المدمن أو بمعنى آخر الأخذ بعين الاعتبار مجموعة الخصائص التي رشح وجودها الشخصي للوقوع ضمن دائرة الإدمان والمتمثلة في : الجانب المزاجي والجانب الوجداني من الشخصية.
3)ثقافتنا وإعادة التأهيل: إن مجال التأهيل هام جدا، ولا غنى لأي فرد يعمل في مجال الوقاية والعلاج للإدمان من التشبث به كطريقة عمل جماعية، في علاج من هم بحاجة إلى العلاج.
إن رصد العديد من المتغيرات الثقافية والتي هي في التحليل النهائي مجموعة العادات والتقاليد والصور المدركة للآخر ، يجعلنا نقف أمام حقيقة مفادها أن الآخرين وخاصة في دول العالم الثالث ينظرون إلى المراهق المدمن(حتى وإن تم شفاؤه على أساس مجموعة من الحقائق السيوسيوثقافية :
- أنه لا أمل في شفائه
-لا أمل من هدر الأموال العامة والخاصة في علاجه
- أن المدمنين هم أكثر الفئات المنحرفة انتكاسا.
4) الاستراتيجيات العلاجية للتكفل بالمراهقين المدمنين :
إن معرفة الخصائص المميزة للمراهقين المدمنين للمخدرات ذات أهمية كبرى في رسم خطة علاجية مناسبة واستحداث استراتيجيات تمكن من حصر الظاهرة في أصغر حيز ممكن ، ذلك أن موضوع علاج المدمنين يعد من المواضيع الشائكة ذات الأبعاد المتشابكة ، فقد تقودنا الظاهرة عند محاولة إيجاد سبل لعلاجها والتكفل بها إلى طرح تساؤل أساسي : ألا وهو : هل المدمن مريض أم مدمن… ؟؟ خاصة إذا علمنا أن كلاهما (أي المريض والمذنب) يتشابهان في الإحساس بالقهر الذي يقع على كليهما بعد أن يتمكن المرض أو الإدمان منهما، مما يستدعي تدخلا خارجيا هو: التدخل العلاجي وعليه سيكون التدخل العلاجي على مستويات ثلاثة:
4-1) العلاج الطبي: الذي يقوم على مبدأ الفطام التدريجي للمراهق المدمن من المخدر، أو مبدأ القنوات العصبية التي يسلكها المخدر داخل الجسم، ففي الفطام التدريجي يقوم الطبيب بانتفاء مخدر أضعف بكثي من المخدر الذي أدمن عليه المراهق ، وعادة ما يكون عقار الميتادونMéthadone ويتولى إعطاؤه للحالة بجرعات وعلى فترات محددة على أن يتم تخفيض الجرعة وإطالة الفترات بين الجرعات ويتم كل هذا بصفة تدريجية وليس فجائية . حتى يحصل الفطام الكامل للحالة من الإدمان.
4-2) العلاج النفسي : حيث تجري الأبحاث الآن لابتكار طرق علاجية جديدة على جميع المستويات ، النفسية والإرشادية وحتى المعرفية لعلاج مدمني المخدرات، ومن أشهر هذه الطرق العلاجية ما يعرف بمجموعة " العلاجات السلوكية المعرفية" وهي تعتبر من بين الثمار الرئيسية لتطبيقات العلوم النفسية الحديثة .
تقوم العلاجات المعرفية السلوكية على مسلمة أساسية مؤداها أن جميع أشكال السلوك الصادر عن المراهق بما في ذلك الإدمان ، إنما هي أشكال تكتسب وتنمو في ظل ظروف حياتية (بيولوجية، نفسية، اجتماعية) ومن ثم تتصدق عليها قوانين اكتساب العادات وتعديلها ، وأشهر هذه الطرق طريقة بودن.M.Boudin وهي تعتمد على ثلاث مقومات رئيسية هي:
- تدريب المدمن على ملاحظة الذات ورصد ما يصدر عنها.
- التدريب على تقييم الذات بناءً على ما تسلكه الذات .
- برمجة تعديل السلوك بناءً على المعطيات التي تصل إليها من البندين السابقين (بند الملاحظة والتقييم).
4-3): العلاج الاجتماعي : وهو مجموعة الخدمات المادية والمعنوية التي ينالها العميل عن طريق علاقته بالمؤسسة الاجتماعية التي تحدث أثرا مرغوبا في موقفه ، وتمكنه من استعادة النشاط الاجتماعي المطلوب أي توصله إلى حالة التكيف الاجتماعي الذي يرضيه ويرضي المجتمع الذي يعيش فيه وقد تناولنا هذا العنصر بشيء من التفصيل في العناصر السابقة ، لكن تجدر الإشارة إلى أن العلاج الاجتماعي لا بد أن يقوم على أسس مهمة بعضها يتعلق بالأسرة والمحيط الاجتماعي وبعضها الآخر يتعلق بالدولة والنظام القضائي:
* ما يتعلق بالأسرة والمحيط الاجتماعي :
- مواجهة المراهق المدمن مواجهة صريحة بالأعراض التي تبدو عليه والاهتمام لمعرفة حقيقة وضعه من خلال حوار صادق مشبع بالعواطف والخوف الإيجابي على المدمن.
- الإسراع في حثه على عمل التحاليل لمعرفة حقيقة الوضع الإدماني عليه.
- تحاول الأسرة والمحيط معرفة الأسباب التي ساعدت على اتخاذ الإدمان كطريق للانحراف.
* ما يتعلق بالدولة :
- ضرورة التعاون الدولي لمكافحة المخدرات والاتجار بها
-تحليل التقارير الوطنية والدولية لمعرفة مدى التقدم في جهود الدولة والدول في القضاء على الظاهرة
- تعزيز التعاون بين أجهزة إنقاذ القوانين ، حيث تبين أن عمليات التهريب تتم برا ، بحرا وجوا، عبر كل دول العالم .
- وضع عقوبات صارمة تصل إلى الإعدام لتحقيق الردع
- إبادة المحاصيل المخدرة وتنمية مناطق الزراعة .
الخاتمة :
إن ظاهرة الإدمان على المخدرات والكحول، والتدخين منتشرة بشكل رهيب وواسع يدعو لدق ناقوس الخطر لمكافحتها وحماية المراهق والمجتمع من أضرارها، ولعل أكثر الشرائح التي يجب أن تتضافر الجهود للحيلولة دون ضياعها والوقوع فريسة لكثير من الآفات وهم الشباب ، الذي يقع على عاتق كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية محاولات ومبادرات تجنيد جميع القوى الفاعلة في المجتمع لحصر وبتر الظاهرة . ولا بد من إعداد أشخاص قادرين على العمل الجماعي فيما يُسمى خدمة:" التأهيل النفسي والاجتماعي" حتى نحتوي الظاهرة بكل أبعادها ، تقويم مرتكبيها وروادها بخلق فضاءات للحوار والعمل الجاد من اجل دور فاعل وفعال. | |
|