(((مقرر في الفصل الثاني- مرحلة الماجستير))
قسم الإعلام والاتصال
إعداد:
د. محمد جاسم فلحي الموسوي
المحتويات
المبحث الأول:مفهوم الاتصال
المبحث الثاني:تطور نظريات الاتصال
المبحث الثالث:القائم بالاتصال ونظرية(حارس البوابة)
المبحث الرابع:وسائل الأعلام وتأثيرها على المجتمعات
((نظرية مارشال ماكلوهان))
المبحث الخامس: نظرية التقمص الوجداني
المبحث السادس:نظريات الإعلام والسلطة
المبحث السابع:نظريات الإعلام في الدول النامية
المصادر والمراجع
المبحث الأول
مفهوم الاتصال
أولاً: تعريف الاتصال
يعود
أصل كلمة COMMUNICATION في اللغات الأوروبية- والتي اقتبست أو ترجمت إلى
اللغات الأخرى وشاعت في العالم- إلى جذور الكلمة اللاتينية COMMUNIS التي
تعني "الشيء المشترك"، ومن هذه الكلمة اشتقت كلمة COMMUNE التي كانت تعني
في القرنين العاشر والحادي عشر "الجماعة المدنية" بعد انتزاع الحق في
الإدارة الذاتية للجماعات في كل من فرنسا وإيطاليا، قبل أن تكتسب الكلمة
المغزى السياسي والأيديولوجي فيما عرف بـ "كومونة باريس" في القرن الثامن
عشر؛ أما الفعل اللاتيني لجذر الكلمة COMMUNICARE فمعناه "يذيع أو يشيع "
ومن هذا الفعل اشتق من اللاتينية والفرنسية نعت COMMUNIQUE الذي يعني
"بلاغ رسمي" أو بيان أو توضيح حكومي.
ويمكن وصف الاتصال بأنه سر
استمرار الحياة على الأرض وتطورها، بل أن بعض الباحثين يرى ( أن الاتصال
هو الحياة نفسها)، وعلى الرغم من أن الجنس البشرى لا ينفرد وحده بهذه
الظاهرة، حيث توجد أنواع عديدة من الاتصال بين الكائنات الحية، بيد أن
الاتصال بين البشر شهد تنوعاً في أساليبه، وتطوراً مذهلا في المراحل
التاريخية المتأخرة.
ومع تعدد التعريفات التي وضعت من قبل الباحثين
لمفهوم الاتصال (Communication ) فأننا يمكن أن نعتمد تعريفا مبسطا وشاملا
للاتصال هو: (أن الاتصال عملية يتم بمقتضاها تفاعل بين مرسل ومستقبل
ورسالة في مضامين اجتماعية معينة، وفي هذا التفاعل يتم نقل أفكار ومعلومات
ومنبهات بين الأفراد عن قضية، أو معني مجرد أو واقع معين )
والاتصال
عملية مشاركة(Participation) بين المرسل والمستقبل، وليس عملية
نقل(Transmision )إذ أن النقل يعني الانتهاء عند المنبع،أما المشاركة
فتعني الازدواج أو التوحد في الوجود، وهذا هو الأقرب إلى العملية
الاتصالية، ولذا فأنه يمكن الاتفاق على أن الاتصال هو عملية مشاركة في
الأفكار والمعلومات، عن طريق عمليات إرسال وبث للمعنى، وتوجيه وتسيير له،
ثم استقبال بكفاءة معينة، لخلق استجابة معينة في وسط اجتماعي معين.وتتفق
أغلب الدراسات التي تناولت هذا الموضوع، منذ ما يزيد على نصف قرن، وحتى
الوقت الراهن، على تقسيم الاتصال إلى أنواع أو نماذج عدة، من أبرزها :
الاتصال
الذاتي والاتصال الشخصي والاتصال الجمعي والاتصال الجماهيري (الإعلامي)،
وهذا النوع الأخير من الاتصال، وبشكله العصري التقني يتجاوز اللقاء
المباشرة، والتفاعل الاجتماعي وجها لوجه، وذلك باستخدام وسائل تقنية معقدة
باهظة التكاليف، كالطباعة والإذاعة المسموعة والتلفزيون والسينما فضلا عن
منظومة الاتصالات والمعلومات عبر الأقمار الاصطناعية،وشبكة الإنترنيت.
وقد
تعددت المفاهيم التي طرحت لتحديد معنى الاتصال بتعدد المدارس العلمية
والفكرية للباحثين في هذا المجال، وبتعدد الزوايا والجوانب التي يأخذها
هؤلاء الباحثون في الاعتبار، عند النظر إلى هذه العملية، فعلى المستوى
العلمي البحثي يمكن القول بوجود مدخلين لتعريف الاتصال:
المدخل الأول:
ينظر
إلى الاتصال على أنه عملية يقوم فيها طرف أول (مرسل) بإرسال رسالة إلى طرف
مقابل(مستقبل) بما يؤدي إلى أحداث اثر معين على متلقي الرسالة.
المدخل الثاني:
يرى
أن الاتصال يقوم على تبادل المعاني الموجودة في الرسائل، والتي من خلالها
يتفاعل الأفراد من ذوي الثقافات المختلفة، وذلك من أجل إتاحة الفرصة
لتوصيل المعنى، وفهم الرسالة.
والمدخل الأول يهدف إلى تعريف المراحل التي يمر بها الاتصال، ويدرس كل مرحلة على حدة، وهدفها وتأثيرها على عملية الاتصال ككل.
أما
التعريف الثاني فهو تعريف بناءي أو تركيبي، حيث يركز على العناصر الرئيسية
المكونة للمعنى، والتي تنقسم بدورها إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
أ- الموضوع: إشارته ورموزه.
ب- قاريء الموضوع والخبرة الثقافية والاجتماعية التي كونته، والإشارات والرموز التي يستخدمها.
ج- الوعي بوجود واقع خارجي يرجع إليه الموضوع.
وفي
ضوء المدخل الأول عرف بعض الباحثين الاتصال بالنظر إليه كعملية يتم من
خلالها نقل معلومات أو أفكار معينة بشكل تفاعل من مرسل إلى مستقبل بشكل
هادف، ومن نماذج هذه التعريفات:
1· الاتصال هو العملية التي يتم من
خلالها نقل رسالة معينة أو مجموعة من الرسائل من مرسل أو مصدر معين إلى
مستقبل،أما الاتصال الجماهيري فهو ذلك النمط من الاتصال الذي يتم بين أكثر
من شخصين لإتمام العملية الاتصالية، والتي غالبا ما تقوم بها المؤسسات أو
الهيئات عن طريق رسائل جماهيرية.
2· الاتصال هو نقل أو انتقال للمعلومات والأفكار والاتجاهات أو العواطف من شخص أو جماعة لآخر أو لآخرين، من خلال رموز معينة.
3·
الاتصال يعرف على أنه عملية تحدد الوسائل والهدف الذي يتصل أو يرتبط
بالآخرين، ويكون من الضروري اعتباره تطبيقا لثلاثة
عناصر:العملية-الوسيلة-الهدف.
4· الاتصال عملية تفاعل بين طرفين من
خلال رسالة معينة،فكرة، أو خبرة،أو أي مضمون اتصالي آخر عبر قنوات اتصالية
ينبغي أن تتناسب مع مضمون الرسالة بصورة توضح تفاعلا مشتركا فيما بينهما.
وفي
ضوء المدخل الثاني الذي ينظر إلى الاتصال على أنه عملية تبادل معاني يعرف
بعض الباحثين الاتصال كعملية تتم من خلال الاتكاء على وسيط لغوي، حيث أن
كلاً من المرسل والمستقبل يشتركان في إطار دلالي واحد، بحيث ينظر إلى
الاتصال هنا على أنه عملية تفاعل رمزي، ومن نماذج هذه التعريفات:
1·الاتصال
تفاعل بالرموز اللفظية بين طرفين: أحدهما مرسل يبدأ الحوار، وما لم يكمل
المستقبل الحوار، لا يتحقق الاتصال، ويقتصر الأمر على توجيه الآراء أو
المعلومات، من جانب واحد فقط، دون معرفة نوع الاستجابة أو التأثير الذي
حدث عند المستقبل.
2· الاتصال عملية يتم من خلالها تحقيق معاني
مشتركة (متطابقة) بين الشخص الذي يقوم بالمبادرة بإصدار الرسالة من جانب،
والشخص الذي يستقبلها من جانب آخر.