قال تعالى ( خُذْ العَفْوَ وَأْمُر
بِالعُرُفِ وَاعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين(199)وَإِمَا يَنْزِغَنَّك مِنَ
الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم(200)
وقال تعالى <ادْفَعِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنْ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُون(96)وَقُلْ
رَبِّأَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيْطَان(97)وَأَعُوذُ بِكَ رَبِِّّ أَنْ يَحْضُرُون(98)>. وقال أيضا :<ادْفَعْ بِالَّتِيهِيَ أَحْسَنْ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاَوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّّ حَمِيموَمَايُلَقَّـــهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا
وَمَا يُلَقَّـاهَاإِلَّا ذُو حَظِّ عَظِيم(35)وَمَا يَنْزِغَنَّكَ مِنَالشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعْ العَلِيمْ(36)>.
فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في معناها وهو أن الله
تعالى يأمر بمصانعة العدو الإنساني والإحسان إليه ليردّه إلى طبعه الطيب الأصل
،إلى الموالاة والمصافاة
،ويأمر بالإستعاذه به من العدو الشيطاني لا محالة إذلايقبل
مصانعة ولا احساناً ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم لشدة
العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل كما قال تعالى : <يَابَنِي ءَادَمَ لَا
يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَان كَمَاأَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الجَنَّة>. وقال تعالى: <إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُم عَدُو فَاتَّخِذُوهُعَدُوّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنَ أَصْحَابِ السَّعِيرْ(6).
وقال: <أَفَتَتَخِذُونَهُ وَذُرِيَتِهِ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهَمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينْبَدَلًا>
وقد أقسم لآدم
عليه السلام أنهله لمن الناصحين وكذب فكيف
معاملته لنا وقد قال
:
<فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعِين إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمْالمُخْلَصِين(83)> وقال الله تعالى
:<فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَالشَّيْطَانِ الرَّجِيم(98)إِنَّهُ لَيْسََ لَهُ سُلْطَان عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِّهِميَتَوَكَّلُون(99)إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الِّذِينَ يَتَوَلُّونَهُ وَالَّذِين هُمْ بِهِ مُشْرِكُونْ(100)>.
روي عن أبي هريرة وهوغريب،ونقله محمد بن عمر الرازي
في تفسيره عن ابن سيرين في رواية عنه قال:وهو قول ابراهيم النخعي وداود بنعلي الأصبهاني الظاهري.وحكى القرطبي عن أبي بكربن
العربي عن المجموعة عن مالك رحمه الله : أن
القارئ يتعوذ بعد الفاتحة،واستغربه بن العربي وحكى قولا ثالثا ،وهو الاستعاذة أولا وآخراجمعا بين دليلين،
نقله الرازي.والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها
ومعنى الآية عندهم <فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(98) أي إذ أردت القراءة كقوله تعالى : <إِذَا قُمْتُمْ للصَلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْوَأَيْدِيكُم>.الآية، أي إذا أردتم القيام،والدليل على ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .
قال الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله :حدثنا محمد بن الحسن
بن أنس حدثنا جعفر
بن سليمان عن علي بن علي الرفاعي اليشكري عن أبي المتوكل التاجي عن أبي سعيد الخدري قال:كان رسول الله صلى
الله عليه وسلَّم ،إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبّروقال: <سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى
جدك،ولا إله غيرك.ثم يقول .لا إله إلا الله.ثلاثا .ثم
يقول أعوذ بالله السميع العليم،من الشيطان الرجيم،من همزه ونفخه ونفثه>.
قيل همزه الموتة،ونفخه الكِبْر،ونفثه الشعر....
عن معاذ ابن جبل قال : استبَّ رجلان عند النبي صلى الله
عليه
وسلم،فغضب أحدهما غضبا شديدا حتى يخيل إلي أن أحدهما يتمزغ أنفه من شدة
غضبه فقال النبي الكريم<إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه مايجد من
الغضب >فقال ماهي يارسول الله،فقال يقول :<اللهم أني أعوذ بك من
الشيطان
الرجيم>. قال جعل معاذ يأمره فأبى وجعل يزداد غضبا وهذا لفظ أبي داود.
وقد جاء في الاستعاذة أحاديث كثيرة يطول ذكرها ،وقد
روي عن جبريل عليه السلام أول مانزل بالقرآن الكريم على رسول الله عليه أفضل الصلاة
والتسليم، أمره
بالاستعاذة كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير ،حدثنا أبو كريب ،حدثنا عثمان بن سعيد،حدثنا بشر بن عمارة، حدثنا
أبو روق عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال أول مانزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : <يامحمد استعذ > قال <أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان
الرجيم>. ثم قال : <قل بسم الله الرحمن الرحيم>ثم
قال(اقْرَأْ بِاسْمِرَبِّكَ الَّذِي خَلَقْ(1)>.قال عبد الله :وهي أول سورة أنزلها الله تعالى
على محمد صلى الله عليه
وسلم بلسان جبريل. وهذا الأثر غريب وإنما ذكرناه ليعرف
فإنما ذكرناه ليعرف فإن في إسناده ضعفا وانقطاعا والله
أعلم.
ـــ جمهور العلماء على أن الآستعاذة مستحبة وليست بمتحتمة
يأثم تاركها .
ـــ وقال الشافعي في الإملاء يجهر بالتعويذ وإن أسر فلا
يضر،ةقال في الأم بالتخيير لأنه أسر ابن عمر وجهر أبو هريرة واختلف قول الشافعي فيما عدا الركعة الأولى هل يستحب التعوذ فيها على
قولين ورجح عدم الاستحباب ، والله أعلم
ــ الاستعاذة في الصلاة إنما هي للتلاوة وهو قول أبي
حنيفة .
ــ ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب
الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني ودنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به،أو يحثني
على فعل ما نهيت، فإن
الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله.
الشيطان في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد فهو بعيد
بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن عن كل خير ،وقيل أنه مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار
ومنهم من يقول لاهما صحيح
في المعنى ولكن الأول أصح.....
والله أعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلم