بين السواء واللاسواء
إن موضوع علم النفس المرضي هو الظاهرة المرضية ,أي اللاسواء ,وبين السواء
واللاسواء حاول عديد العلماء أن يقفوا عند حدودهما وأبعادهما,لكن اختلاف
المعايير حال دون ذلك..
والسواء في علم النفس مصطلح عام يرادف الصحة النفسية إلى حد بعيد,كما يعني
أيضا "التصرف تبعا للمعايير المقبولة",وكذا كون الفرد صحيحا أوسليما أوفي
حالة صحيحة ومتحرّرة من الصراع..
ولكن العلماء اختلفوا في تحديد من هو الشخص السوي..
-فيرى (فرويد) أن الشخص السوي هو القادر على العمل والحب بمفهومه الواسع,أي إمكانية التمتع بالحياة..
-ويرى (سولفان) أن الشخصية السوية هي تلك الشخصية ذات العلاقات الجوارية الواقعية والتي تتعامل مع الناس كما هم الآن..
-ويرى(ماسلو ابراهام) أن السواء هو تحقيق الذات..
السواء ووجهات النظر المختلفة:
- السوي من الوجهة النفسية:
هو السلوك الذي يواجه المواقف المختلفة ,بما يقتضيه هذا الأخير وفي حدود ما يغلب على تصرفات الفرد
-السوي من الوجهة الاجتماعية:
هو السلوك المألوف والمعتدل والمتماشي مع القيم والمعايير المتعارف عليها,في بيئة الفرد السوسيو ثقافية..
-السوي من الوجهة الإحصائية:
هو الإنسان المتوسط وفق النزعة المركزية للمعطيات الإحصائية ,وتعتبر
الانحرافات على الجهة اليسرى أو اليمنى للمنحنى معبرة عن اللاسواء.
-السوي من الوجهة الوظيفية:
والمقصود به الطاقة التكيفية والتي تجعل الفرد مرنا قادرا على تحمّل التغير والإحباطات ,وقادرا على الابتكار في حياته.
-السوي من وجهة علم الأعصاب:
يرى هذا المعيار أن الدماغ السوي يختلف عن الدماغ غير السوي في العدد الحقيقي للخلايا العاملة في منطقتي اللحاء.
-السوي من الوجهة الذاتية:
يتخذ الفرد من نفسه مرجعا للحكم على السلوك ,سواء كان هذا السلوك سوي أوغير سوي.
-السوي من الوجهة المثالية:
السواء هو المثالية والكمال واللاسواء هو الانحراف عن المثل.
-السواء من الوجهة المرضية:
يتخذ كأساس للحكم على السواء واللاسواء ,الأعراض المرضية المصنفة حسب الجداول العيادية.
ملاحظة:
لكن ما هو غير سوي ,لا يعني أنه مرضي ,ولكن يعبّر عن الخروج عن المعتاد أو
المألوف,والمعتاد ليس سوي بالضرورة,ولا يوجد سواء مطلق,كل فرد
يستعمل بعض الآليات المرضية ولكنها مؤقتة..
نظرة..
إن كل الأفراد معرضون إلى الشذوذ في وقت أو أخر من حياتهم ,كل من تعرض
لظروف صادمة تفوق طاقاته الدفاعية والتكيفية معرض للاضطراب النفسي
,ويكون هذا الاضطراب مؤقتا أو مزمنا..
لكن التكيف لا يعني تقبل قوانين وقيم المجتمع والامتثال لها ,بل يعني
بالتكيف العملية النشيطة التي تجعل الفرد مرنا قادرا على تحمل التغير
والاحباطات,وقادرا
على الإبتكار في حياته ,دون أن يكون ذلك على حساب قيمه الدينية الصحيحة..
يقول (ج.نتان):"الدينامية الأساسية للتكيف ليست التكيف مع المحيط بل تحقيق الذات في المحيط"
معنى هذا أن الفرد له أهداف وغاية يسعى إليها..
هكذا نعتبر الفرد كسوي ما دامت عنده مرونة كافية تسمح له باستعمال طاقاته
بطريقة منظمة تساعده للوصول إلى أهدافه والابتكار وما دام يتحكّم في نقائصه
مهما كانت دون أن تثير آلامه وشعوره بالفشل ومادام محيطه قابلا لهذه النقائص دون نبذ.
خاتمة:
إن هذه المعايير أو المحكات كانت ولا تزال تمثّل حلا لمشكلة تعريف
السواء واللاسواء ,لكن هذه الحلول هي حلول جزئية ,وليست شاملة وكاملة,
إذ وجدنا أن كل معيار يركز على جانب ويهمل بقية الجوانب ,ومن هنا تبرز
الحاجة إلى منظور متكامل تتم فيه الاستفادة من كل المعايير .
من إعداد الطالب :هاروني رضوان