منتديات جامعة باتنة 2
حرية الإنسان عند اسبينوزا  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا حرية الإنسان عند اسبينوزا  829894
ادارة المنتدي حرية الإنسان عند اسبينوزا  103798
منتديات جامعة باتنة 2
حرية الإنسان عند اسبينوزا  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا حرية الإنسان عند اسبينوزا  829894
ادارة المنتدي حرية الإنسان عند اسبينوزا  103798
منتديات جامعة باتنة 2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لاندعي أننا الأفضل لكننا نقدم الأفضل
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
<

 

 حرية الإنسان عند اسبينوزا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
MAZOUZ MOHAMED
...::|رئيس المنتدى|::...
...::|رئيس المنتدى|::...
MAZOUZ MOHAMED


مساهماتي : 5235
تاريخ الميلادي: : 01/07/1991
تاريخ التسجيل : 22/07/2009
عمـــري: : 33
الموقع : www.univ-batna2.alafdal.net

حرية الإنسان عند اسبينوزا  Empty
مُساهمةموضوع: حرية الإنسان عند اسبينوزا    حرية الإنسان عند اسبينوزا  Icon_minitimeالسبت 18 ديسمبر - 16:41

أود أن أطرح أمامكم حقيقة موقف اسبينوزا من مسألة حرية الشخص.
فالواقع أننا لا نجد لدى هذا الفيلسوف ميلا واضحا نحو جهة القول بحرية
الشخص كما هو الأمر عند سارتر أو مونيي، أو الميل نحو جهة الإكراه كما
الشأن عند بعض ممثلي العلوم الإنسانية كفرويد الذي يقول بحتمية الدوافع
اللاشعورية أو جي روشي الذي يقول بالإكراهات الاجتماعية والثقافية التي
يتعرض لها الفرد أثناء مسلسل التنشئة الاجتماعية.

هذا التأرجح الذي نجده لدى اسبينوزا بين القول بالحرية الناتجة عن امتلاك
الإنسان للعقل وبين القول بخضوعه في الآن نفسه للقوانين التي تحكم طبيعته
الإنسانية، خلق لدى تلامذتي نوعا من التشويش على مستوى الفهم؛ خصوصا وان
التلميذ يميل دائما إلى عملية التصنيف والحسم النهائي بين فلاسفة يقولون
بالإكراه وآخرون يقولون بالحرية.

لكن صعب علي في الواقع تلبية رغبة التلميذ في عملية الحسم هاته، بصدد موقف
اسبينوزا من الإشكال المتعلق بالشخص بين الضرورة والحرية؛ فانتهيت معهم إلى
صياغة موقف اسبينوزا بصدد الحرية كما يلي: الشخص حر، وحريته محكومة
بمحددات طبيعية. والمقصود هنا الطبيعة الإنسانية؛ لأن اسبينوزا يذهب إلى أن
كل كائن يمتلك طبيعة تحتم عليه أن يتصرف في الحدود التي تتيحها له
قوانينها. وهذا ينطبق على الإنسان كما ينطبق على الحيوان غير العاقل
والنبات … بل على الله أيضا.

إن امتلاك الكائن البشري للعقل يمكنه ولا شك من التحكم في رغباته وشهواته،
عن طريق الوعي بها وتوجيهها التوجيه الصحيح، وهنا تتبدى ولا شك حريته، وهي
حرية تتحرك داخل سياج وحدود طبيعته الإنسانية.

يقول اسبينوزا في كتابه “علم الأخلاق” ص 394:

« الجزء الأزلي في النفس هو العقل، وهو الجزء الوحيد الذي نقال بمقتضاه فاعلين …».

هكذا يكون الإنسان “فاعلا” و “حرا” بقدر ما يكون على علم ومعرفة كافية بالانفعالات المميزة لطبيعته.

وفي هذا السياق يقول اسبينوزا في “علم الأخلاق” دائما:

« بقدر ما تدرك النفس الأشياء كلها على أنها ضرورية، تكون قدرتها على الانفعالات أعظم، أي أن خضوعها لها يكون أقل ». صص 361-362

وهنا يتحدث اسبينوزا عن “قدرة” يمتلكها الإنسان على الفعل والتحكم في
شهواته ورغباته، وهو نوع من القول بالحرية، لكن هذه القدرة والحرية محكومة
بضرورة طبيعية تتمثل في الدوافع الغريزية والانفعالات المميزة لطبيعة
الإنسان. فالخضوع إذن لهذه الانفعالات هو أمر لا بد منه، لكن درجة الخضوع
تختلف بحسب قوة الإدراك العقلي والمعرفي للانفعالات التي تحكم طبيعتنا.
وهذا ما يوضحه قول اسبينوزا:

« تكون قدرتنا على الانفعال أعظم وتكون النفس أقل تأثر به بقدر ما يكون هذا الانفعال معلوما لدينا». “علم الأخلاق”، ص 358

فمعرفة الإنسان بطبيعته البشرية وامتلاك علم دقيق بها يمكنه من بسط قدرته
عليها. وهذه القدرة على السيطرة والتوجيه تنم عن حرية نسبية يمارسها
الإنسان في حدود ما تتيحه له طبيعته. ولهذا يذهب اسبينوزا إلى التأكيد على «
أننا لا نملك سلطانا مطلقا على هذه الانفعالات». - نفس المصدر، ص354.

وهذا يعني أن الإنسان يمتلك سلطانا ما، و بالتالي حرية ما، لكنها حرية
وقدرة على التصرف ليست بالمطلقة بل هي نسبية وتتم في حدود الوعي بما يحكم
طبيعتنا.

ونجد اسبينوزا يربط بين المعرفة والقدرة على التحكم حيث يقول:

« قدرة النفس تتحدد بالمعرفة فحسب، وعجزها أو انفعالها السلبي بانعدام المعرفة فحسب».

هكذا فكلما كانت لدينا معرفة وعلم أكثر بالانفعالاتنا والشهوات والدوافع
المميزة لطبيعتنا، كلما كانت قدرتنا على التحكم فيها وعقلنتها على نحو نثبت
من خلاله “حريتنا” عليها. فللعقل سلطته وللنفس أوامرها، لكنها أوامر لا
معنى لها، كما يقول اسبينوزا، خارج إطار الشهوات ذاتها.

ويتحدث اسبينوزا عن أسباب خفية تتحكم في الناس، بحيث أن جهلهم لها يجعلهم
يعتقدون واهمين أنهم أحرارا فيما يصدر عنهم من أفعال. وتتمثل هذه الأسباب
في الدوافع الغريزية التي تميز الطبيعة الإنسانية، باعتبار أن الإنسان
حيوان راغب له اندفاعات وشهوات.

ويقدم اسبينوزا بعض الأمثلة التي توضح خضوع الإنسان لانفعالاته وشهواته
الطبيعية؛ حيث يذكر أن الإنسان يدرك على مستوى عقله ما هو أفضل ومع ذلك
يفعل الأسوء، أي أنه قد يعرف أن هذا السلوك أو ذاك غير مقبول من الناحية
العقلية والأخلاقية ولكنه مع ذلك يفعله. وهذا دليل على أن هناك قوى خفية
تتحكم فيه ترجع إلى الدوافع المحددة لطبيعته. كما يتحدث اسبينوزا عن الرضيع
الذي يميل إلى ثدي الأم، والجبان في حالة الفرار، والرجل في حالة الغضب
الشديد، ليثبت من خلال ذلك سلطان الانفعالات الطبيعية على سلوك الإنسان.

وعلى العموم، لو كان الناس يتحكمون في ألسنتهم وأفعالهم لكان العالم البشري
يعيش في أحوال وظروف جيدة. لكن خضوع الناس لشهواتهم وانفعالاتهم في معظم
الحالات هو سبب كل الويلات التي عرفتها الحياة البشرية في الماضي والحاضر.

ولكي نلخص نقول: إنه لا توجد حرية لدى الشخص خارج إطار الضرورة الطبيعية
حسب اسبينوزا. فأن أكون حرا معناه أن أكون على علم ودراية بالقوانين
المحددة لطبيعتي الإنسانية وان أتصرف بما يلزم داخل نطاق هذه الطبيعة.

فهل يستقيم إذن الحديث عن حرية طبيعية لدى الإنسان ؟ وهل القول بحرية الشخص في نطاق طبيعته الإنسانية هو دليل على حريته أم خضوعه ؟

وهل يمكننا التحدث مع اسبينوزا عن حرية و لو نسبية يتمتع بها الإنسان ؟

إننا نجد اسبينوزا يتحدث عن حرية طبيعية يتمتع بها الكائن البشري، وهذا قد
يمكننا من الحديث عن نوع من الحرية النسبية لدى الإنسان عند هذا الفيلسوف؛
لأنه أولا ليس هناك نفي تام لحرية الإنسان عند اسبينوزا يجعلنا نقول انه
خاضع بشكل تام ومطلق. وهذا بسبب أن الإنسان يمتلك العقل الذي يجعله يعرف
الخصائص المميزة لطبيعته و الوعي بها ، مما قد يمكنه من توجيهها والتحكم
فيها بشكل حر، لكن ذلك يتم في حدود ما تتيحه له طبيعته سواء فهمنا الطبيعة
هنا على أساس أنها العقل أو فهمناها على أساس أنها الدوافع الغريزية
والشهوات والانفعالات الموجودة لدى الإنسان. فبالنسبة للعقل فإمكانياته في
المعرفة والعلم محدودة، وبالمثل قدرته على التحكم في الرغبات والاندفاعات
التي تلح عليه، أما بالنسبة للطبيعة الغريزية فهي محكومة بقوانين تجعلها
تتم في نطاق معين حتى ولو خرجت بشكل كبير وربما تام عن لجام العقل وتدخله.

انطلاقا من كل هذا لا يمكن إلا أن نتحدث مع اسبينوزا عن حرية طبيعية ونسبية، محكومة بضوابط الطبيعة المميزة للإنسان.

فالإنسان قد يتحكم في انفعال الخوف مثلا، إلا أنه تحكم نسبي ينم عن حرية
نسبية؛ إذ لا يمكن إزالة الخوف أو تلافيه نهائيا بل يمكن فقط التخفيف منه
وخفظ درجاته. وقل الأمر نفسه بالنسبة للانفعالات الأخرى كالغضب والحب
والكراهية وما إلى ذلك.

ويبدو أن ربط الحرية بالغرائز هو قول لا يستقيم؛ إذ أن خضوع الإنسان
لغرائزه هو نفي لحريته وليس دليلا عليها؛ ما دام أنها ستغدو حرية بهيمية في
حين أن الحرية الحقيقية هي القدرة على التصرف وفق أوامر العقل وإملاءاته.

وإذا كانت الرغبات تعرف تعددا وتغيرا دائما ومستمرا، فلأن الإنسان كما يقول
اسبينوزا حيوان راغب. وبالفعل فوجود هذه الرغبات لدى الإنسان هو سبب في
خضوعه أو لنقل في تقييد حريته حسب اسبينوزا، لكن هذا الخضوع مصدره هو طبيعة
الإنسان نفسها وليس العوامل الخارجية إذا ما أردنا أن نبقى أوفياء للتصور
اسبينوزي، مع أنه ليس هناك ما يمنع، إذا ما أردنا تجاوز موقف اسبينوزا، من
أن نربط رغبات الإنسان بالعوامل الخارجية الاجتماعية والثقافية وغيرها.
فهناك تصورات فلسفية تربط الرغبة لدى الإنسان بالثقافة والتربية التي
يتلقاها داخل المجتمع؛ بحيث تتعدد الرغبات لدى الفرد بحسب الضغوطات القسرية
التي يتلقاها من المحيط سواء تم ذلك بشكل واضح أو على نحو خفي.

ويجب التنبيه هنا إلى أن الحمولة الدلالية لمفهوم الرغبة في سياق فلسفة
اسبينوزا قد لا يكون هو بالضرورة الموجود في سياق فلسفي آخر. ولذلك قد يكون
من المفيد أن نقدم التعريف التالي الذي يحدد فيه اسبينوزا مفهوم الرغبة:

< أعني بالرغبة كل المجهودات والاندفاعات والشهوات والأفعال الإرادية
لدى الإنسان، وهي تتغير وفق تغير حالات الإنسان ذاته، وقد تكون متعارضة إلى
حد أن الإنسان يصبح موزعا في اتجاهات مختلفة تجعله لا يعرف إلى أين سيتجه
>. - عن كتاب منار الفلسفة للسنة الثانية باكلوريا، ص21 -

أما عن علاقة الحرية بالوعي، فاسبينوزا يرى أن الناس يتوهمون أنهم أحرار
بمجرد ما يعون أفعالهم لكنهم في الحقيقة يجهلون الأسباب المتحكمة فيهم.
وهذا قد يعني أن هناك في الطبيعة الإنسانية مستويات عميقة وخفية لا يتمكن
العقل والوعي من معرفتها والتحكم فيها، وهو ما أكدت كشوف علم النفس
التحليلي مع فرويد فيما بعد. وقد يكون هذا دليل على نفي حرية الإنسان أو
على الأقل القول بنسبيتها.

أيضا جهل الإنسان بالضغوطات والإكراهات الخارجية والاجتماعية، والتي قد
تمارس عليه على نحو خفي، هو مؤشر آخر على خضوع الإنسان و تناهي حريته في
الفكر والفعل والإحساس. هكذا نجد العديد من الناس يعبرون عن أفكار وتصدر
عنهم سلوكات، يعتقدون أنها نابعة عن إرادتهم الحرة في حين أنها مستقاة من
المجتمع وتم استدماجها لديهم من خلال أساليب التربية وأنماط التنشئة
الاجتماعية التي تعرضوا لها.

يمكن التأكيد إذن على فكرتين رئيسيتين:

- أولا أن حرية الإنسان الحقيقية لا تكمن في انسياقه وراء الأهواء
والشهوات، وإلا كانت حرية بهيمية. ولهذا فالحرية الحقيقية ترتبط لدى الكائن
البشري بأوامر العقل وتوجيهاته سواء كانت أخلاقية أو قانونية أو غيرذلك.

- ثانيا أنه لا يستقيم الحديث عن الحرية لدى الإنسان إلا في إطار انفتاحه
على الغير وتعايشه معه. وبهذا المعنى يعتبر الغير شرطا أساسيا لكي يحقق
الأنا ذاته ويبرز حريته. وقد دافع هيجل عن هذه الفكرة من خلال حديثه عن
الصراع الحتمي الذي لا بد أن يخوضه الأنا مع الآخر من أجل أن يثبت ذاته
ويحافظ على حريته. فلا معنى إذن للحديث عن حرية حقيقية لدى الفرد وهو في
عزلة تامة عن الناس. ولو وجد مثل هذا الفرد المنعزل عن الآخرين، كما هو حال
الطفل المتوحش فيكتور، لما أمكننا أن نقول عنه أنه كائن حر ما دام يعيش
وجودا طبيعيا مباشرا لا يختلف كثيرا عن وجود باقي أشياء الطبيعة، هذا
بالرغم من أن البعض سيتحدث عن امتلاك هذا الطفل لما يسمى بالعقل الفطري.
لكن يبدو أن مثل هذا العقل الفطري لا يؤهل صاحبه لكي يكون كائنا حرا
بالمعنى الإنساني الخالص.

إذن فالحرية الحقيقية هي ذات طابع إنساني وثقافي، وهي لا تنطبق إلا على
الكائن البشري ككائن واعي وثقافي، كما أنها حرية تفترض كما أسلفنا الغير
كطرف أساسي فيها.

بعد الإشارة إلى هاتين الفكرتين لا بد أن نمر الآن إلى تقديم بعض التوضيحات
ولو بشكل مختصر حول مفهوم الحرية عند اسبينوزا، والتي يمكن نعتها بالحرية
الطبيعية.

بالنسبة لاسبينوزا كل الناس أحرار في حدود ما تسمح لهم طبيعتهم بذلك. بل إن
اسبينوزا يطبق هذا التصور على كل الكائنات، بل أيضا على الله؛ فكل كائن
يتصرف بالضرورة وفقا للقوانين التي تميز طبيعته، ولا يمكنه أبدا التصرف
خارج الضوابط والمحددات التي تحكم هذه الطبيعة.

هكذا فحرية الإنسان مرتبطة بطبيعته، ولذلك فهي حرية نسبية؛ فيها تحكم نسبي
للعقل في الشهوات والانفعالات الطبيعية، كما نجد فيه خضوعا لهذه الدوافع
الطبيعية، وذلك بحسب ما إذا كان الإنسان فاعلا أو منفعلا، مستحضرا للعقل أو
مغيبا له. وفي جميع الأحوال لا يمكن للإنسان التصرف خارج نطاق ما تتيحه له
طبيعته، سواء فهمت هذه الطبيعة على أساس أنها العقل كملكة فطرية أو فهمت
على أساس أنها الدوافع الغريزية التي تولد مع الإنسان.

إن المعرفة العقلية بالانفعالات والشهوات تمكن حسب اسبينوزا من توجيهها
وتصريفها على نحو أفضل، وهذا التوجيه العقلي هو الذي تتبدى من خلاله نوع من
حرية الإنسان، إلا أنها حرية تتحرك في نطاق ما تسمح به الطبيعة الإنسانية.
فلا يمكن للإنسان أبدا أن يتجاوز القوانين المحددة لطبيعته؛ بحيث لا يمكنه
مثلا أن يتصرف كملاك أو إلاه، لأنه ببساطة لا يمتلك طبيعة الملاك أو
الإله.

أما بالنسبة للطفل المتوحش، فهو سيتصرف حسب اسبينوزا بحكم طبيعته كطفل
متوحش ولا يمكنه أبدا أن يتجاوز حدود ما تتيحه له طبيعته. إن لمثل هذا
الطفل شهوات ودوافع غريزية ستتحكم ولا شك في تصرفاته، وإذا كان يمتلك عقلا
فطريا وكان مثل هذا العقل سيسمح له بالتحكم في غرائزه وتوجيهها، فبإمكانه
أن يفعل ذلك ما دام أنه يدخل في نطاق الطبيعة المميزة لهذا الطفل. لكن
السؤال الذي يطرح هنا هو: هل فعلا بإمكان العقل كملكة فطرية السيطرة على
الغرائز وتوجيهها ؟ أليس أن هذا العقل الذي يسيطر ويوجه ويتحكم هو عقل
مكتسب ومكون -بفتح الواو- وليس فطريا ومكونا -بكسر الواو- ؟؟

إن مثل هذا التساؤل يجعلنا نذهب إلى القول بأنه يصعب الحديث عن حرية لدى
الطفل المتوحش؛ ما دام أنه لم يكتسب عقلا أخلاقيا أو قانونيا أو دينيا مثلا
يمكنه من إبراز حريته من خلال التحكم في شهواته وتوجيهها، وما دام أنه لم
ينفتح على الغير بعد باعتبار أن مثل هذا الانفتاح هو شرط ضروري للحديث عن
الحرية بمعناها الإنساني الحقيقي.

ليس المقصود بالحرية الطبيعية عند اسبينوزا أن يعيش الإنسان معزولا في
الطبيعة، بل هي تعني فقط التصرف في حدود الضوابط التي تحكم الطبيعة
الإنسانية. فأن يكون الإنسان حرا هو أن يستخدم عقله لتحقيق معرفة برغباته
وشهواته، والعمل على التخفيف من حدتها وتوجيهها بما يناسب، أما أن يتلافاها
ويسيطر عليها بشكل مطلق فهذا غير ممكن حسب اسبينوزا، وهو واضح في قوله:

« أننا لا نملك سلطانا مطلقا على هذه الانفعالات».

هذه الجملة مهمة في نظري لفهم موقف اسبينوزا؛ فيبدو من خلالها أن الإنسان
يملك سلطانا ولو نسبيا على الانفعالات الطبيعية، لكنه في نفس الوقت لا يملك
سيطرة مطلقة عليها. والمقصود بالسلطان هنا سلطان العقل والمعرفة. ولذلك
فحرية الإنسان تتأرجح بين عقله وغرائزه، إذ تختلف درجتها بحسب سيطرة أحد
العنصرين على الآخر. وهي على العموم حرية محكومة بمحددات الطبيعة
الإنسانية.

دمتم محبين للحكمة وعشاقا للحقيقة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.univ-batna2.alafdal.net
 
حرية الإنسان عند اسبينوزا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسرار التخلاط* تحت* ‬غطاء حرية التعبير والدعوة للتغيير
» حقائق مدهشة في جسم الإنسان
» التحفيز المالي هل هو انتقاص لقيمة الإنسان
» التحفيز المالي هل هو انتقاص لقيمة الإنسان
»  ما أجمل أن يبكي الإنسان و الابتسامة على شفتيه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جامعة باتنة 2 :: كلية الاداب والعلوم الانسانية :: قسم الفلسفة-
انتقل الى: