العرب واللغة العربية
ان المعلوم لكل واحد ان العرب شعب من شعوب الجنس البشري ينحدر من سلالات معينة ويستوطن بلادا يتكلم اغلب اهلها بلسان واحد هو اللسان العربي . وهم بذلك لا يختلفون عن سائر البشر الا انهم يتميزون بخصائص ومزايا جبلية منها المحمود , كالغيرة والدفاع عن الشرف ونصرة المظلوم الضعيف ورعاية شؤون الغير وتحمل الاذى في سبيل المبداء وعدم الرضا بالضيم , ومنها المذموم كسرعة الغضب والاخذ بالثار والعصبية والهوى ولو على الباطل . وكان العرب يعيشون على الغزو ويالفون الحروب فوجدت لديهم الخشونة والطبيعة العسكرية وقد اختارهم الله رب العالمين عند ظهور الاسلام لحمل رسالته الى الناس والله سبحانه وتعالى اعلم حيث يجعل رسالته , فكان في خصائصهم ما اهلهم لحمل الرسالة بطريقتها التي انزلها الله وهى اجهاد , اى القتال والتضحية بالارواح من اجل نشر دعوة الاسلام. ولقد هذب الاسلام نفوسهم وطهرها فزاد في خصالهم المحمودة وازال عنهم الاصرار والاغلال التي كانت عليهم وابدل اخلاق الجاهلية باخلاق الاسلام فكانوا بذلك خير امة اخرجت للناس . ولكن هذا مشروط بقبولهم الاسلام وحملهم اياه الى باقي الامم يقول تعالى ( وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم )
ولا يستطيع عاقل ان يخالف ان اجتباء الله للعرب من دون الناس وانزال كتابه بلسانهم هو فضل عظيم من الله سبحانه وتعالى لهم ونعمة كبرى انعمها عليهم , لذلك كان تعلم اللسان العربي لازم لكل مسلم يريد الاجتهاد في فقه دينه لكون كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه المطهرة بهذه اللغة واصبح فرضا على كل مسلم ان يحفظ من كتاب الله ما يلزمه للقيام بفرائض الشرع من صلاة وتلاوة للقران الكريم .
واللغة العربية هى وحدها لغة الاسلام وهى وحدها اللغة التي ينبغي ان تستعملها الدولة التي تقوم على تطبيق احكام الاسلام وحمل رسالته لان القران الكريم انزل باللغة العربية فاللغة العربية هى لغة الاسلام لانها لغة القران . والقرأن الكريم هو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم واعجازه هو في تعبيره بهذا اللفظ العربي عن المعاني والاحكام , اى بعربية اللفظ والاسلوب فالاعجاز واقع في لفظ القران وفي معناه ولا ينفصل احدهما عن الاخر ومحل التحدى للبشر هو ان ياتوا بمثل هذا القران , اى ان ياتوا بمثل هذه المعاني والاحكام اتي جاء بها القران وبنفس اعجاز الاسلوب واللفظ العربي . فكون القران في اللغة العربية هو اصل في الاعجاز وجزء جوهري منه غير قابل للانفصال . ولذلك لا يكون القران قرأنا الا باللغة العربية فلذلك لا تجوز ترجمته لانه اذا غير خرج عن نظمه فلم يكن قرأنا ولا مثله وانما تجوز ترجمة معاني القرأن وتفسيراته . وذلك لان الله تعالى يقول ( انا انزلناه قرأنا عربيا ) ومعنى ذلك انه اذا لم يكن عربيا فليس بقرأن والمسلم يتعبد بلفظ القرأن فلا تصح صلاة بغيرها لقوله تعالى ( فاقرأوا ما تيسر من القرأن ) فمعنى قراءة القرأن اى قراء ة الفاظه ولذلك فلا تصح صلاة بغيرها اى لا يجوز ان يقرأ المسلم القرأن في صلاته بغير اللغة العربية . واللغة العربية يجب ان تكون لغة دولة الاسلام كذلك لان الرسول صلى الله عليه وسلم كتب الى الملوك بهذه اللغة ولم يترجمها الى لغاتهم مع امكانه ذلك مما يدل على انها لغة الدولة التي تقوم على الاسلام ولهذا كان من الواجب على جميع المسلمين ان يتعلموا هذه اللغة حتى يتمكنوا من القيام بفرائض دينهم وتطبيق احكامه , يقول الامام الشافعي في رسالته الشهيرة في الاصول " ان الله تعالى فرض على جميع الامم تعلم اللسان العربي بالتبع لمخاطبتهم بالقرأن والتعبد به " واللغة العربية ايضا هى من ضروريات الاجتهاد في الشريعة الاسلامية وهو استنباط الاحكام من النصوص الشرعية وهو فرض على المسلمين في كل مكان وزمان , فمن شروط المجتهد معرفته الادلة السمعية من قرأن وسنة التي هى باللغة العربية كذلك يجب عليه ان يعرف دلالة الالفاظ المستخدمة في لسان العرب معلافة البلغاء وهذا لا يمكن ان يحصل الا بتعلم اللغة العربية . ولهذا يجب ان تكون اللغة العربية هى لغة المسلمين فلا يجوز ان تحل محلها اى لغة اخرى لا فارسية ولا تركية ولا غيرها ولذلك ايضا لا يصح للمرء ان يغض من شأن العرب او من لغتهم لان ذلك هو غمط للحق ومحاولة لطمس الحقائق الملموسة
الا ان ادراك ذلك كله بشان الشعب العربي واللغة العربية امر يختلف تماما عن امر القومية العربية كدعوة فكرية سياسية كرابطة بين الناس , فهذه الدعوة تخالف كل ذي عقل ولب سليم , وهى بهذا لا تختلف عن الدعوى لاى قومية اخرى سواء كانت عربية او فارسية او تركية او غيرها , فهى فاسدة ومخفقة عقلا وشرعا وواقعها يشهد بذلك