يمكن تقسيم أو تحديد مراحل التاريخ السياسي للجزائر كالآتي :
1- مرحلة ما قبل الفتح الإسلامي 4 ق.م إلى 667 م
2- مرحلة الفتح الإسلامي من 667 إلى 1518 م
3- مرحلة الخلافة العثمانية من 1518 م إلى 1830
4- مرحلة الإستعمار الفرنسي من 1830 إلى 1962
5- مرحلة ما بعد إعادة الإستقلال الوطني
1- مرحلة ما قبل الفتح الإسلامي :
عرفت هذه المرحلة قيام عدة ممالك إبتداءا من القرن الرابع قبل الميلاد
كمملكة ماسيسليا و مملكة ماسيليا اللتان توحدتا فيما بعد تحت اسم مملكة
نوميديا بقيادة ماسينيسا ثم يوغرطة.
كما تعرضت الجزائر مثل باقي منطقة شمال إفريقيا إلى الإحتلال الروماني ثم
البزنطي ثم الوندال و مع مجيء الفتح الإسلامي تخلصت من هذا الإحتلال.
2- مرحلة الفتح الإسلامي : 667 م إلى 1518
اعتنق الشعب الجزائري الإسلام عن قناعة ثم ساهم في نشره في مرحلة لاحقة و
خلال هذه الفترة قامت عدة دول أهمها الدولة الزيرية سنة 1043 م، ثم مجيء
الحملة الهلالية عام 1050 و بعدها قيام دولة الموحدين 1145م ثم مجيء
الأتراك 1518 م.
3- مرحلة الخلافة العثمانية : 1518 م إلى 1830
في بداية القرن 16 تعرضت منطقة المغرب العربي لهجمات الإسبان فاستنجد
الجزائريين بالإخوة بابا عروج و خير الدين التابعين للخلافة العثمانية و
اللذان ساهما في إنقاذ مسلمي الأندلس ثم تقلدا الحكم في الجزائر، و بذلك
إنضمت الجزائر إلى الخلافة العثمانية بتركيا، ثم ما لبث أن إنفصلت عن الباب
العالي (تركيا)، و أصبحت ترتبط معها بمجرد روابط معنوية فقط، فالحكام في
الجزائر كانوا يعينون محليا دون تدخل عاصمة الخلافة و هذا إبتداءا من 1671,
و بذلك يمكن القول أن الجزائر كانت دولة مستقلة ذات سيادة أقامة علاقة
دبلوماسية مع الدول القائمة آنذاك مثل البرتغال، اسبانيا، فرنسا، إيطاليا،
بريطانيا ... و أبرمت معها الكثير من المعاهدات و قد كان لها نفوذ على
الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط مثل المعاهدة التي أبرمت في هذا الشأن
عام 1795م.
4- مرحلة الإستعمار الفرنسي : من 1830 إلى 1962
إن إحتلال فرنسا للجزائر بالقوة لا يمكن أن يؤثر على الحالة القانونية
للسيادة الجزائرية فهذه الأخيرة باقية ملك للشعب الجزاري رغم عدم إستطاعة
ممارستها بفعل الإحتلال الفرنسي.
و إن إدعاء فرنسا أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا لا يمت بالشرعية
الدولية بأية صلة فإنتقال السيادة لا يكون إلا برضا الشعب من خلال تقرير
المصير، و الشعب الجزائري منذ بدأ إحتلال فرنسا لإقليمه حتى طردها منه و هو
يكافح بوسيلتين :
الأولى : عن طريق الثورات المستمرة بدءا من ثورة الأمير عبد القادر ثم ثورة
أولاد سيد الشيخ، ثورة المقراني، ثورة لالا خديجة، ثورة الزعاطشة، ثم
الإنتفاضة 1945، ثم ثورة أول نوفمبر.
الثانية: عم طريق المقاومة السياسية و المتمثلة في إنشاء أحزاب سياسية
للمطالبة بحقوق الشعب الجزائري و من أهم هذه الحركات و الأخزاب نذكر:
- حزب نجم شمال إفريقيا 1926، الذي تحول إلى حزب الشعب عام 1937 ثم إلى تسمية حركة إنتصار الحريات الديمقراطية 1946.
- الحزب اللبرالي عام 1927 (كان يطالب بالمساواة بين الجزائريين و الفرنسيين)
- جمعية العلماء المسلمين عام 1931
- الحزب الشيوعي الجزائري 1935 بعدما إنفصل عن الحزب الشيوعي الفرنسي
- أصدقاء البيان و الحرية 1944 بقيادة فرحات عباس
- و في سنة 1947 أنشأت المنظمة السرية من قبل حركة إنتصار الحريات الديمقراطية
- و أخيرا جبهة التحرير الوطني التي فجرت ثورة نوفمبر 1945.
6- مرحلة ما بعد إستعادة السيادة الوطنية :
6-أ- المؤسسات الدستورية : مرحلة الثورة التحريرية
بعد الإنقسام الواقع في حركة إنتصار الحريات الديمقراطية بين المركزيين و
المصاليين، بادرت مجموعة من المناضلين إلى إعلان الثورة التحريرية في أول
نوفمبر 1945 تحت اسم تنظيم جديد هو جبهة التحرير الوطني.
و قد حدد بيان أوّل نوفمبر أهداف الثورة :
- إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الإجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
- بعد مرور سنتين من إندلاع الثورة إنعقد مؤتمر جبهة التحرير الوطني الذي
عرف بمؤتمر الصومام و انبثقت عنه ما يمكن تسميته بالمؤسسات الدستورية
لمرحلة الثورة التحريرية و هي:
* المجلس الوطني للثورة : ضم هذا المجلس 34 عضوا ثم ارتفع عدد أعضائه إلى
50 عضوا بعد إنعقاد دورته الثانية بالقاهرة و هو يعتبر بمثابة البرلمان
يشرع و يراقب الحكومة إضافة إلى تمتعه مؤقتا بصفة المجلس التأسيسي.
* الحكومة المؤقتة : إنبثق عن مؤتمر الصومام بالإضافة إلى المجلس الوطني
للثورة هيئة تنفيذية تدعى لجنة التنسيق و التنفيذ مكونة من 5 أعضاء ثم في
19 سبتمبر 1958 تم الإعلان عن الحكومة الجزائرية المؤقتة.
و قد إستمرت مؤسسات الثورة في الوجود حتى تم إنتخاب المجلس الوطني التأسيسي
من قبل الشعب في 20 نوفمبر 1962 حيث انتقلت صلاحياتها إلى هذا المجلس.
6-ب- تنظيم السلطات في المرحلة الإنتقالية :
المقصود بنقل السلطات من السلطة الفرنسية إلى السلطة الجزائرية و قد مرت بمرحلتين:
* الاولى من 19/03/1962 إلى 20/09/1962:
بعد إبرام إتفاقية إيفيان و توقيف القتال في 19 مارس 1962 أنشأت هيئات
مؤقتة للإشراف على إستفتاء تقرير المصير و نقل السلطة إلى الجزائريين من
أهمها :
• المحافظ السامي : و هو يمثل الدولة الفرنسية في الجزائر و مهمته تسهيل نقل السلطة.
• الهيئة التنفيذية المؤقتة : و هي تتكون من رئيس و 10 نواب حددت مهمتها
بالإشراف عن الشؤون العامة إلى أن يتم تنصيب السلطات الجزائرية و بعد إعلان
نتائج تقرير المصير في 03 جويلية 1962 أصبحت كل السلطات بيدها و قد كان
مقررا أن تنتهي من الإشراف على إنتخاب المجلس الوطني التأسيسي قبل 12 أوت
1962 لكن الحوادث التي عرفتها البلاد آنذاك أخرت عملها إلى 20 سبتمبر 1962
حيث انتخب الشعب الجزائري المجلس الوطني التأسيسي و بذلك إنتقلت إليه كل
السلطات سواء من الهيئة التنفيذية المؤقتة أو من مؤسسات الثورة
* الثانية من 20 سبتمبر 1962 إلى 10 سبتمبر 1963 : المجلس الوطني التأسيسي
إنتخب هذا المجلس في 20 سبتمبر 1962 و كان يتكون من 196 نائب و قد حددت مهامه كالآتي :
1- تعيين حكومة : في جلسته المنعقدة في 26 سبتمبر 1962 أعلن عن تأسيس حكومة
للجمعورية الجزائرية فعين السيد أحمد بن بلة رئيسا لها و كلفه بتشكيلها و
تقديم برنامجه أمامه.
2- التشريع باسم الشعب الجزائري: تطبيقا لإستفتاء 20 سبتمبر 1962 أسندت مهمة التشريع مؤقتا للمجلس الوطني التأسيسي.
3- إعداد مشروع الدستور : قام المجلس بمحاولات لإعداد مشروع الدستور لكن
تبين للمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني و لرئيس الحكومة أن النقاش
الدائر في المجلس لا يعبر عن مبادئ الثورة و مضمون برنامج ميثاق طرابلس
الهادفة إلى إرساء ديمقراطية شعبية، حينها كلفت لجنة لإعداد مشروع الدستور و
أقره المجلس الوطني التأسيسي في 28 أوت 1963، ثم قدم للإستفتاء الشعبي في
08/09/1963 و صدر في الجريدة الرسمية في 10/09/1963، و بذلك أعلن أول دستور
في تاريخ الدولة الجزائرية الحديثة.