المعدل الداخلي في فرنسا: 1 جالون من الزيت = 2/1 ياردة من المنسوجات
المعدل الداخلي في ألمانيا: 1 جالون من الزيت = 3/4 = 1,33 ياردة من المنسوجات
المعدل الدولي المقترح وفقا لريكاردو: 1 جالون من الزيت = 1 ياردة من المنسوجات
فإننا نلاحظ أن المعدل الدولي المقبول يجب أن يكون وحدة واحدة من الزيت
مقابل عدد من وحدات من المنسوجات أكبر من 0,5 ياردة وأقل من 1,33 ياردة.
وهو ما يحققه بالفعل المعدل الدولي الذي اقترحه ريكاردو.
أولا: تكلفة الإنتاج قبل قيام التجارة:
إن التكلفة الكلية مقدرة بساعات العمل بالنسبة للسلعتين. تكلفة الإنتاج في
فرنسا قبل التجارة = تكلفة إنتاج وحدة من الزيت + تكلفة إنتاج وحدة من
المنسوجات = 1 + 2 = 3 ساعات عمل.
أما في ألمانيا تكلفة الإنتاج قبل التجارة = 4 + 3 = 7 ساعات عمل.
ثانيا: تكلفة الإنتاج بعد التجارة:
إذا قامت فرنسا بالتخصص في إنتاج الزيت ( التي تتمتع في إنتاجها بميزة
نسبية)، فإنها تحتاج وحدتين من الزيت، الوحدة الأولى تخصص للاستهلاك المحلي
والثانية للتصدير إلى ألمانيا مقابل وحدة واحدة من المنسوجات، في هذه
الحالة فإن تكلفة الإنتاج تصبح ساعتين عمل.
تكلفة الإنتاج في فرنسا بعد التجارة = وحدة من الزيت للاستهلاك المحلي + وحدة من الزيت للتصدير إلى ألمانيا = 2 ساعة عمل.
نلاحظ أن تكلفة الإنتاج بالنسبة لفرنسا قد انخفضت بمقدار ساعة عمل واحدة.
المكسب من التجارة = تكلفة الإنتاج قبل التجارة – تكلفة الإنتاج بعد
التجارة ( 1 ساعة عمل = 3 ساعة عمل – 2 ساعة عمل )
بالنسبة لألمانيا فإنها تتخصص في إنتاج المنسوجات ( التي تتمتع في إنتاجها
بميزة نسبية) وهي تحتاج إلى إنتاج وحدتين من المنسوجات، الوحدة الأولى
للاستهلاك المحلي والوحدة الثانية للتصدير إلى فرنسا مقابل وحدة واحدة من
الزيت، وفي هذه الحالة فإن تكلفة الإنتاج تصبح 6 ساعات عمل.
تكلفة الإنتاج في ألمانيا بعد التجارة = وحدة منسوجات للاستهلاك المحلي +
وحدة منسوجات للتصدير لفرنسا = 3 ساعات + 3 ساعات = 6 ساعات عمل
نلاحظ أن تكلفة الإنتاج بالنسبة لألمانيا قد انخفضت أيضا بمقدار ساعة عمل واحدة.
المكسب من التجارة = تكلفة الإنتاج قبل التجارة – تكلفة الإنتاج بعد التجارة ( 1 ساعة عمل = 7 ساعات – 6 ساعات)
يجب أن نأخذ هنا أن المكسب من التجارة ليس بالضرورة أن يظهر في صورة انخفاض
في التكاليف وإنما قد يتحقق من خلال زيادة مستوى الاستهلاك من أحد
السلعتين أو السلعتين معا. كذلك فإن المكاسب من التجارة ليس بالضرورة أن
تتوزع بالتساوي بين أطراف التبادل، المهم في هذه الحالة أن تحقق كل دولة
قدرا من المكاسب قد يفوق أو يقل أو يساوي ما يحصل عليه شركائها في التجارة.
المحاضرة الرابعة: تظرية هيكشر وأولين
II. النظرية الكلاسيكية الجديدة :
1. نظرية الهبات النسبية:Eli HECKSCHER – Bertil OHLIN
تحاول هذه النظرية الإجابة على سؤالين هامين، الأول: لماذا تختلف النفقات
النسبية بين الدول؟ والثاني: ما هو تأثير التجارة الدولية على عوائد عناصر
الإنتاج المستخدمة في الدول أطراف التبادل؟ فحسب النظرية الكلاسيكية فإن
اختلاف المزايا النسبية ترجع إلى الاختلاف في إنتاجية عنصر العمل ( وهو
العنصر الإنتاجي الوحيد المستخدم في هذه النظرية) بين الدول، ولكنها لم
تقدم أي تفسير لسبب اختلاف إنتاجية عنصر العمل.
أ. الافتراضات التي تقوم عليها نظرية هيكشر- أولين:
تقوم النظرية على مجموعة من الافتراضات المبسطة للواقع هي:
- أن العالم يتكون فقط من الدولتين ( أ،ب) يقومان بإنتاج سلعتين هما ( س،ص)
ويعتمدان على عنصرين من عناصر الإنتاج هما العمل ورأس المال.
- استخدام الدولتين لنفس الفن الإنتاجي.
- أن السلعة س كثيفة عنصر العمل، والسلعة ص كثيفة عنصر رأس المال.
- أن السلعتين يتم إنتاجهما في ظل ظروف ثبات غلة الحجم ( زيادة المستخدم من
عنصر العمل ورأس المال يؤدي إلى زيادة الإنتاج بنفس النسبة).
- التخصص غير الكامل في الدولتين بعد التجارة.
- تماثل الأذواق في الدولتين.
- سيادة ظروف المنافسة الكاملة في أسواق السلع وأسواق عناصر الإنتاج.
- المرونة التامة لتحرك عناصر الإنتاج داخل كل دولة من نشاط إلى آخر ومن
مكان إلى آخر، في نفس الوقت تفترض النظرية عدم تحرك عناصر الإنتاج بين
الدول.
- عدم وجود تكلفة نقل وغياب أي شكل من أشكال تقييد حرية التجارة مثل الرسوم الجمركية أو حصص الاستيراد أو التصدير.
- استخدام عناصر الإنتاج المتاحة استخداما كاملا في الدولتين.
- توازن التجارة بين الدولتين، بمعنى أن قيمة الصادرات تساوي قيمة الواردات.
ب. عرض النظرية:
يمكن تفسير نظرية هيكشر-أولين إلى نظريتين مرتبطتين ببعضهما البعض، النظرية
الأولى تحاول تفسير سبب اختلاف النفقات أو المزايا النسبية بين الدول على
أساس الاختلاف في الوفرة أو الندرة النسبية لعناصر الإنتاج، هذه النظرية
عرفت أيضا بنظرية هبات عناصر الإنتاج، والنظرية الثانية تحاول تفسير
التغيرات التي يمكن أن تحدثها التجارة الدولية على الأسعار النسبية لعناصر
الإنتاج فيما يعرف بنظرية تعادل أسعار عناصر الإنتاج.
Ø نظرية هبات عناصر الإنتاج:
تنص هذه النظرية على أن كل دولة تقوم بالتخصص في إنتاج وتصدير السلع التي
تحتاج بدرجة كبيرة إلى عنصر الإنتاج المتوفر لديها نسبيا، وبالتالي يعد
الأرخص نسبيا. وتستورد السلعة التي يحتاج إنتاجها إلى عنصر الإنتاج النادر
نسبيا والذي يتميز بارتفاع سعره النسبي، معنى ذلك أن الدول التي تتمتع
بوفرة نسبية في عنصر العمل تقوم بتصدير السلعة كثيفة العمل واستيراد السلعة
كثيفة رأس المال.
ومن ناحية أخرى، الدولة التي تتمتع بوفرة نسبية في عنصر رأس المال تقوم بتصدير السلعة كثيفة رأس المال واستيراد السلع كثيفة العمل.
وفقا للافتراضات السابقة، فإن الدولة أ التي تتمتع بوفرة في عنصر العمل سوف
تقوم بالتخصص جزئيا في إنتاج وتصدير السلعة س ( كثيفة العمل) واستيراد
السلعة ص ( كثيفة رأس المال)، ومن ناحية أخرى فإن الدولة ب التي تتمتع
بوفرة في عنصر رأس المال سوف تقوم بالتخصص جزئيا في إنتاج وتصدير السلعة ص (
كثيفة رأس المال) واستيراد السلعة س (كثيفة العمل) من الدولة أ.
Ø كيفية قياس الوفرة النسبية:
يمكن التفرقة بين طريقتين لقياس الوفرة، الأولى طريقة الوفرة المادية وتقاس
بنسبة الكمية الكلية المتاحة من رأس المال إلى الكمية المتاحة من العمل.
أما الطريقة الثانية لقياس الوفرة هي الأسعار النسبية لعناصر الإنتاج (
أجور العمال/ أسعار الفائدة).
وفقا للطريقة الأولى: فإن نسبة العمل / رأس المال في الدولة ب (التي تتمتع
بوفرة رأس المال) أكبر من نسبة العمل / رأس المال في الدولة أ (التي تتمتع
بوفرة نسبية في عنصر العمل).
أما بالنسبة للطريقة الثانية: فإن نسبة أجور العمال / أسعار الفائدة في
الدولة ب ( وفيرة رأس المال) أقل من نسبة أجور العمال / أسعار الفائدة في
الدولة أ ( وفيرة العمل).
وهكذا فإن نظرية هيكشر-أولين لم تفترض مسبقا اختلاف النفقات النسبية كما
فعلت النظريات السابقة وإنما قدمت تفسيرا لسبب اختلافها بين الدول على أساس
اختلاف ظروف عرض عناصر الإنتاج بين الدول أو حسب اختلاف درجة الوفرة
النسبية لعناصر الإنتاج.
Ø نظرية تعادل عولئد عناصر الإنتاج ( هيكشر-أولين-سامويلسن):
تنص هذه النظرية على أن التجارة الدولية سوف تؤدي إلى تعادل العوائد
النسبية والمطلقة لعناصر الإنتاج المتجانسة بين دول العالم. معنى ذلك أن
حرية التجارة الدولية في السلع تنوب عن حرية حركة عناصر الإنتاج في إحداث
التعادل في عوائد تلك العناصر المتجانسة على مستوى العالم. فإذا قامت
التجارة بين الدولة أ و ب فإنها سوف تتسبب خلال الأجل الطويل في تساوي أجور
العمال ذو المهارة المتماثلة وكذلك سوف تتسبب في تساوي أسعار الفائدة على
رؤوس الاموال المتجانسة بينهما.
- الوضع قبل قيام التجارة: يظهر انخفاض نسبة أسعار الفائدة / الأجور في
الدولة أ نظرا لتمتعها بوفرة نسبية في عنصر العمل وندرة نسبية في عنصر رأس
المال، ومن ناحية أخرى فإن الدولة ب التي تتمتع بوفرة نسبية في عنصر رأس
المال تعاني من ارتفاع نسبة أسعر الفائدة / الأجور، وعلى ذلك تتخصص الدولة أ
في إنتاج السلعة س كثيفة العمل وتتخصص الدولة ب في إنتاج السلعة ص كثيفة
رأس المال.
- الوضع بعد قيام التجارة: يظهر زيادة إنتاج السلعة س في الدولة أ مما يؤدي
إلى زيادة الطلب على عنصر العمل وبالتالي ارتفاع الأجور وفي نفس الوقت
ينخفض إنتاج السلعة ص مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على عنصر رأس المال
وبالتالي انخفاض أسعار الفائدة، وهكذا تتجه نسبة الأجور على أسعار الفائدة
إلى الارتفاع في الدولة أ. وبالنسبة للدولة ب، فنلاحظ اتجاه نسبة أسعار
الفائدة/الأجور إلى الانخفاض وذلك بسبب اتجاه الدولة ب إلى تخفيض إنتاج
السلعة س وزيادة إنتاج السلعة ص مما يؤدي إلى زيادة الطلب على عنصر رأس
المال المتوافر لديها وانخفاض الطلب على عنصر العمل النادر وتسبب ذلك في
زيادة أسعار الفائدة وانخفاض معدل الأجور. ويستمر هذا الوضع حتى تتعادل كل
من الأجور وأسعار الفائدة في الدولتين.
المحاضرة الخامسة: النظريات الحديثة في تفسير التبادل الدولي
الاتجاهات الحديثة في تفسير التبادل الدولي:
"النظريات التكميلية"
1. بعض العوامل التي تحدد الاتجاه العام للتجارة الدولية:
إن التيارات التجارية التي تربط بين مختلف الدول تجد تفسيرها في عدد من العوامل تتفاوت في أهميتها بتفاوت الظروف، وهي كالتالي:
- سوء توزيع الموارد الطبيعية بين الدول وتركز مصادر الثروة في بعضها.
- حجم الدولة أو المساحة الجغرافية التي تشغلها، والذي يؤثر في التجارة
الخارجية لها عن طريق تأثيره على درجة تكامل الموارد الطبيعية بالنسبة
للدولة، بالإضافة إلى ما يوفره الحجم من مزايا الإنتاج الكبير.
- أن قيام التجارة الخارجية يتطلب أن يتوفر العلم الكامل بما يجري في
الأسواق المختلفة وحيث أن العلم الكامل بأحوال السوق الدولية غير متوفر،
فلا شك أن العامل السياسي يلعب دورا كبيرا في تحديد الأفق المفتوح أمام
الدول المتعاملة في التجارة الخارجية ( المستعمرات، المحميات، الدول
الخاضعة للنفوذ الأجنبي الاقتصادي والعسكري).
- تغير الميزة النسبية، لما كانت العوامل التي تتفاعل في تشكيل اتجاهات
التخصص الدولي لا تبقى ثابتة عبر الزمن، فإن بنيان التخصص الدولي يتغير
بتغير العوامل التي تداخلت في تشكيله ( تغير الأذواق)، فعناصر الإنتاج
بأنواعها يصيبها التغير خلال مراحل النمو. كذلك لا يمكن تجاهل التغيرات
التي تطرأ على فنون الإنتاج في الدولة الواحدة فضلا عن عدة دول تبعا لتقدم
البحث العلمي وتقدم وسائل نقا المعرفة.
- التجارة ونفقات النقل: تؤثر نفقات النقل في تيار واتجاه التجارة
الخارجية، فإذا ما كانت نفقات النقل كبيرة بحيث تفوق الفرق في الثمن قبل
التجارة فإن ذلك يحول دون قيام تبادل تجاري دولي ( داخلي وخارجي).
- الشركات متعددة الجنسية كنتاج لقوى احتكارات القلة.
2- نموذج ليندر : الأسواق والاختراعات
يرى ليندر أنه فيما يتعلق بالسلع المصنوعة والتي تكون الجزء الأكبر من
التجارة، تكون نماذج الطلب هي المسئولة عن اتجاه وحجم التجارة، فاختراع
منتجات جديدة وتقديمها يرتبط ارتباطا وثيقا بالأسواق المحلية، ولهذا فإن
العامل الأساسي في إنتاج السلعة ليس نفقة إنتاجها ولكن السوق الذي يتم
تداولها فيه، فوجود أسواق واسعة من أهم سمات المراحل الأولى لنمو المنتج.
ويؤكد تحليل منحنى التعلم هنا نموذج ليندر حيث أن المراحل الأولى لنمو
مشروع ما تعطيه ميزة في النفقات تجعله يمتاز على منافسيه.
ومع أن الاختراعات إنما تظهر استجابة لحاجة الأسواق المحلية فإن المستهلكين
في الدول الأخرى ذات المستوى المتماثل من التطور الاقتصادي الذين لديهم
نفس الحاجات سرعان ما يكتشفون المنتج الجديد، ومن هنا تنشأ الصادرات مع
اكتشاف أسواق مماثلة في الخارج. وهذا يفسر فكرة ثانية من أفكار ليندر ألا
وهي أن التجارة تبدأ بين دول تتشابه في هياكل أسواقها واحتياجاتها، وغالبا
ما تكون العمالة في هذه الدولة مرتفعة النفقات بينما لا تكون نفقة رأس
المال كذلك ولهذا تميل إلى طلب السلع الاستهلاكية ذات المستوى التكنولوجي
المرتفع أو المعقد وإلى طلب السلع الرأسمالية التي تقتصد في استخدام
العمالة.
وقد لاحظ ليندر أن الدول المستوردة تعتبر من الناحية المنطقية أول من يدخل
بعد ذلك في سوق التصدير فما دام يتوفر لديها سوق كبيرة لاستيراد سلعة فإنه
يتوافر لديها أيضا الظروف الملائمة لإنتاج أنواع متعددة من السلع
المستوردة. فمن الأمور المعتادة بالنسبة للسلع التي تنتج للسوق أن يبدأ
الإنتاج المحلي عقب الاستيراد وغالبا ما يبدأ التصدير بعد الإنتاج المحلي.
ومن هنا لا وجه للغرابة إذا وجدنا أن نسبة كبيرة من هذه التجارة تتم بين
الدول الصناعية.
3 - دورة حياة المنتج:
يعتبر نموذج دورة حياة المنتج ذو أهمية عملية كطريقة للتنبؤ ولتقييم حجم
المبيعات والظروف التكنولوجية والتنافسية التي تواجه المنتج لوضع وتخطيط
استراتيجيات السوق المناسبة، وذلك بتفسير اختلاف المستوى التكنولوجي الذي
يستند إليه اختلاف الأثمان كأساس للتجارة.
فحسب هذه النظرية التسويقية، تنقسم السلع إلى ثلاث أنواع وهي: سلع حديثة
وسلع ناضجة وسلع نمطية. فتتوقف الأهمية النسبية للإنفاق على التطوير الفني
أو التكنولوجي للناتج بتطور هذه المراحل، حيث يبدو الإنفاق على التكنولوجيا
كأهم عناصر النفقة في المرحلة الأولى ثم تتضاءل أهميته مع مرور المراحل
الأخرى لحساب عناصر هيكل النفقة الأخرى ( الإنفاق على المواد الخام ووسائل
الإنتاج والتسويق وتطوير الناتج).
وقد تم ربط هذا النموذج بالتجارة الدولية من طرف فيرنون وويلز وذلك بدراسة
وتحليل تاريخي للتجارة الأمريكية، حيث يتمثل النموذج في ظهور الاختراع في
الدولة ثم بدء الإنتاج محليا والتصدير ثم الإنتاج في الخارج ثم التصدير إلى
الدولة الرائدة في الإنتاج.
غير أن هناك منتجات تصدر إلى الدولة الرائدة وتصدر من هناك إلى دولتها
الأصلية دون تنمية السوق المحلية على الإطلاق، وعليه ستصبح مرحلة النضوج
التي افترضها هذا النموذج هي المرحلة التي يتداخل فيها التصدير والاستيراد
بدلا من أن تكون مرحلة الاستيراد فقط.
فالتداخل بين تصدير واستيراد المنتجات التي بلغت مرحلة النضوج يقود إلى
تقسيم الأسواق إلى عدة أسواق صغيرة، والقيام بتصميم منتج لكل سوق منها خاص
بها. فغالبا ما يكون أثرياء المستهلكين أقل اهتماما باقتصاديات الأثمان
وحدها ولكنهم يكونون أكثر اهتماما بالحصول على المنتج الذي يرضي أذواقهم
ويشجع حاجاتهم. وحيث ينطوي تقديم منتجات بعينها لكل من المجموعات المختلفة
بالسوق على نفقة عالية، لذا تسعى المنشآت إلى أن تكون هذه المجموعات كبيرة
بدرجة تبرر تقديم إنتاج خاص لكل منها، غير أن المنتج المحلي في بحثه عن
الأسواق لصادراته يتجاهل الواردات من الخارج مما يحقق مصلحة المنتج
الأجنبي والذي قد يكون مصدره فرع نفس المنشأة في الخارج.
إن القوة الدافعة لهذه النظرية في التجارة هي انتقال التكنولوجية المصاحبة
للسلعة الجديدة، إما في تصميم السلعة أو نوعيتها أو الفن الإنتاجي، من دولة
إلى أخرى. وقد رأى فيرنون أن الآلية الأولية لانتقال التكنولوجيا تتمثل في
إعادة توطين التسهيلات الإنتاجية بواسطة المنشآت الأصلية في دولة المنشأ،
كما أن التكنولوجيا غالبا ما تنقل مباشرة إلى المنتجين الأجانب. ويمكن
القيام بمثل هذا النقل عن طريق اتفاقيات التراخيص، والتي بها يباع استخدام
المعرفة الفنية إلى المنشأة الأجنبية، والمشروعات المشتركة بين المنتجين
الوطنين والأجانب، والتقليد المباشر، وحتى بالتجسس الصناعي.
فبانتشار وتكاثر الشركات المتعددة الجنسية وفروعها تم تقليص فترات التقليد
للمنتجات الجديدة والتي سهلت الانتقال الدولي للتكنولوجيا، فإذا أرادت دولة
ما الحفاظ على مركزها في الصادرات من خلال الاختراع، فإن هذا الاختراع
ينبغي أن يكون متطورا باستمرار، وبالتالي المحافظة على مستويات كبيرة من
البحث والتطوير داخل صناعتها التصديرية.
أما بالنسبة للمرحلة الثالثة، فتتمثل في نمطية المنتجات وذلك بانتشار
التحكم في أساليب الإنتاج وتبسيطها، لتصبح قابلة لاستعمال يد عاملة أقل
كفاءة، بالإضافة إلى التحكم الجيد في تصنيعه في البلدان النامية سيكون
مصيره المحتوم..
المحاضرة السادسة: السياسات التجارية بين الحرية والحماية
الفصــــل الثانــــي: السياسات التجارية
I. السياسات التجارية بين الحرية والتقييد:
مقـــدمــــة:
منذ العصور القديمة لم تكن الدول تفرض قيودا على التجارة الدولية، وتميزت
التعريفة الجمركية التي كانت تفرض حتى القرن 17 بطابعها المالي ولم يكن
هناك اهتمام بآثارها الحمائية. وقد استتبع قيام الدولة الحديثة الاهتمام
باتخاذ سياسات تجارية تمكن من زيادة ثروة الدولة وقوتها وذلك تحت تأثير
المذهب التجاري. ولقد كان لتطبيق آراء التجاريين آثارا موجبة على اقتصاديات
دول أوروبا الغربية وبالخصوص إنجلترا وفرنسا، حيث تقدمت صناعاتهما ولم تعد
خائفة من المنافسة الخارجية.
وتعتبر الفترة من 1842 إلى 1873 فترة رواج وتدعيم لمذهب الحرية الاقتصادية.
وأيدت السياسة الاقتصادية في تلك المرحلة مبدأ حرية التبادل التجاري سواء
في الداخل أو في الخارج، حيث اعتنق الكثيرون مذهب آدم سميث الخاص بترك
النشاط الاقتصادي للأفراد يديرونها طبقا لمصالحهم الشخصية.
فاعتبر أنصار هذا المذهب أن التقسيم الدولي للإنتاج هو المبدأ الأساسي في
العلاقات الاقتصادية بين الدول، حيث سادت هذه الآراء في كل من إنجلترا
وفرنسا. إذ تمتعت هاتان الدولتان بالتفوق الصناعي، وكانت التجارة الخارجية
بما أتاحته من اتساع أسواق تصريف المنتجات الصناعية وكذلك إمداد الصناعة
بمستلزماتها من المستعمرات التي تخصصت في ظل هذه الظروف في إنتاج المنتجات
الزراعية والمواد الأولية باعتبارها سند لنمو الصناعة.
وقد نتج عن حرية التجارة هذه أن استغلت الدول المتخلفة في مجال التصنيع
لصالح الدول المتقدمة آنذاك، إنجلترا وفرنسا، لذلك نادى الاقتصاديون في كل
من الولايات المتحدة وألمانيا بضرورة حماية منتجات الصناعة الوطنية من غزو
السلع الإنجليزية والفرنسية، وانتهى الأمر بانتهاج الدول الأوروبية الواحدة
تلو الأخرى لسياسة الحماية التجارية بدءا من عام 1873 وحتى قيام الحرب
العالمية الأولى، وذلك لزيادة حاجة الحكومات الأوروبية إلى مزيد من الأموال
لتمويل سياساتها الاستعمارية والتوسعية ثم لتمويل السباق نحو التسلح
تحضيرا للحرب.
فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإعادة تنظيم الاقتصاديات الوطنية نجحت
الدول في إعادة الحرية النسبية إلى حركة التجارة الدولية والاعتماد على
الرسوم الجمركية لتنظيم هذه التجارة، ووضع مجموعة من القواعد المتناسقة
تكون أساسا لتحرير أكبر وتنمية أسرع لحركة التجارة الدولية مع تعاون أوثق
بين الدول في هذه المجال.
في الأخير، لا بد أن نفرق عند الحديث عن حرية التجارة وحمايتها بين المجتمع
الدولي كله وبين الدولة الواحدة، حيث تقف الدول الكبيرة دائما مع حرية
التجارة الخارجية، بينما الدول الصغيرة دائما مع فرض القيود عليها، فالأولى
تتمتع باحتكار موروث لذا فهي تضطر إلى مجابهة باحتكار تحكمي في مرحلة
التبادل تضعه بنفسها عن طريق العديد من القيود.
1. حجج أنصار حرية التجارة:
لما كان الهدف من أي سياسة اقتصادية أو تجارية، هو تحقيق الرفاهية
الاقتصادية، فإن أتباع حرية التجارة من شأنه تعظيم الدخل الوطني للدول
أطراف التبادل بما يكفل لها تحقيق الرفاهية لكل منها، ويعتمد أنصار هذا
المذهب على عدة حجج نذكر أهمها فيما يلي:
أ. منافع التخصص الدولي:
حيث يتم تخصص كل دولة في إنتاج السلعة التي تتمتع فيها بميزة نسبية، ولما
كان مدى التخصص إنما يتوقف على نطاق السوق الذي يتم فيه التبادل، فإن اتساع
نطاق التجارة الدولية شرط لازم لاتساع مدى التخصص الدولي وتقسيم العمل.
ب. منافع المنافسة:
إن مناخ المنافسة الذي تكفله حرية التجارة يساعد على الارتفاع بمستوى الإنتاجية فضلا عن خفض الأثمان في صالح المستهلكين.
2. حجج أنصار الحماية:
يستند أنصار الحماية إلى حجج بعضها اقتصادي وبعضها غير اقتصادي، ذلك أن
الاعتبارات الاقتصادية البحتة ليست المعيار الوحيد الذي تسترشد الحكومات في
تقييد التجارة الخارجية أو تحريرها. فالاعتبارات غير الاقتصادية تتعدى
الرفاهية المادية، إذ تتداخل الاعتبارات السياسية واعتبارات الأمن في تشكيل
سياسة الدولة في هذا المجال، بالإضافة إلى الرعاية الاجتماعية لبعض الفئات
التي يتوقف عليها الاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة، كحماية الفلاحين
بدعم قطاع الفلاحة.
أما الحجج الاقتصادية نذكر منها: حماية الصناعات الناشئة، معالجة البطالة
والاستفادة من العمالة الرخيصة، اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار
المباشر.