-3- السياحة في الاقتصاد الحديـث :
من خلال تقديم الخدمات تقوم السياحة بدورها في عملية
تصريف الثروات السياحية وتلبية حاجات ورغبات السياح المحليين
والاجانب من الراحة والعلاج والزيارات والرفاهية وغيــرها.وعادة تحت كلمة
الخدمات السياحية يفهم :
- مجموعة من الأعمال التي تؤمن للـــسياح الراحة والتسهيلات عند شراء واستهلاك الخدمات والبضائع .
لقد مرت السياحة بعدة مراحل ومن أهمها :
المرحلة الاولى : التنقل والترحال من اجل محيط افضل وذلك قصد الرعي
والبحث عن الرزق والامن وهذا ماميز حياة البداوة أي اساس حياة الانسان
البدائي حيث جاب الصحراء القاحلة والهضاب والوديان وعبر الأنهار وصولا
الى السهول الخصبة ، فارتبط بالطبيعة وعرف الزراعة حتى وصل إلى
الاستقرار والثبات فكانت بمثابة مرحلة للاستكشاف ومعرفة جديدة للسفر .
المرحلة الثانية : التجارة والتي لازمت التطور الطبيعي للجماعات
الانسانية واصبحت في إستقرارها تنتج فائضا عن حاجاتها الضرورية وتسعى
لتصريفه بكافة الطرق الممكنة فلم يلتصق بمكان معين بل تنقل وغير وكان
الحج الى الاماكن المقدسة الدور الاوفر في التنقلات والتعارف والخبرات
الجديدة التي أكتسبها الافــراد والجماعات في أسفارهم على حد ســواء
المرحلة الثالثة : الرغبة في معرفة المجهول وما هو جديد من الثقافة
والمعارف ورغبة الانسان في التحرر من قيود بيئته سعيا وراء اكتشاف
والتعارف أن المرحلة الثالثة هي اكثر ما ميز ظاهرة السياحة في الماضي
وذلك من خـــلال عدة اشكال نذكر منها.
الســفر من أجل المغامرة والاطلاع او الاستكشاف والمصلحة امثال
البحاراكريستوف كولومبس " فاسكو ديغاما " ومشاهيــر الــعرب والمسلمين
مــن بــيــنهــم "إبـــن خلــدون " إبن بطوطة" إبن جبير . كما نجد أيضا
إبن البندقية "ماركو بولو" .
السفر الذي قام به العلماء والمثقفون الرحالة لدراسة الاراء والنظم
وحياة الشعوب الاخرى ودراسة الآثار والثروات ، وللمتعة ايضا ، أمثال
المؤرخ الاغريقي "هيرودوت" المسافر المعروف بسيره وكتاباتـه والاديب
الصيني "يوانغ شــانغ"
- السفر الذي الذي قام به علماء بريطانيا خلال العصور الوسطى الى
الجامعات المختلفة في رحلات طويلة الى اوروبا من اجل تلقي المعرفة.
وعندما حل القرن السابع عشر(17 ) ظهر السفر بغرض المشاهدة وبدأت طائفة من
الناس يغدون الى العواصم الكبـــرى لمشاهدة القصور الملكية وارتياد
المراكز الثقافية الهامة وقد تزايد عدد هؤلاء تدريجيا مما حدا بفرنسا إلى
إصدار دليل سياحي عام 1672 يساعد على القادمين اليها للتعرف على
آثارها ووصف الطرق إلى باريس ويتحدث هذا الدليل على الرحلة الصغيرة
التي تشمل الجزء الجنوبي الغربي من فرنسا والرحلة الكبيرة وتشمل بصفة
خاصة الجزء الجنوبي الشرقي من فرنسا .
وفي العصور القديمة باتت ظاهرة السياحة والسفر متعة محببة في منطقتي
اليونان وما عرفه سكانها من سفر إلى الجزر اليوناية وبالتحديد الى
اولمبيا لمشاهدة الاولمبية او المشاركة فيها لمدة تربو على ألف عام
(1000 سنة ) بدءا من776 ق م وارتياد الحمامات العلاجية للاستشفاء.
الرومان وما عرفته من موجات المسافرين بهدف المتعة حيث ازدهرت الطرق الرومانية بها.
وعلى الطرق الرومانية انتشرت محطات الراحة التي كانت تتوقف بها
العربات لتغيير الجياد وكانت تلك المحطات تنتشر على مسافات متفاربة
واتجه هؤلاء المسافرون الى اليونان يستشرقون عظمتها ويتمثلون حكمتها
وذهب غيرهم الى مناطق المياه المعدنية ووفد الكثيرين منهم الى مصر
ليشاهدو عجائبها القديمة واهرامها العظيمة ومن اثار تلك الفترة
الحمامات والمسارح الرومانية الشهيرة (1) .
مماسبق نجزم بان الانسان سائح بطبيعته ونظرته ، ونظرا الى سعيه الدائم للسفر والترحال واستجابة لمختلف دوافعه ورغباته.
المطلب الرابع : فـوائد وعيوب السياحة:
أولا: فــوائدها:
تحقق السياحة فوائد كثيرة للمجتمع إذا وضعت في إطار إستراتيجية
التنمية الوطنية ووفرت لها الشروط اللازمة لتنميتها من هذه الفوائد
مايلي:
1- تساهم في توفير العملة الصعبة للدولة لان التجارب القائمة تشير
الى ارتفاع النسبة التي تشارك بها في تكوين إيـرادات الـدول مــن
العملة الصعبة
2- تساهم في انشاء مناصب عمل جديدة فهي بذلك تعتبر قطاعا مساعدا على
محاربة البطالة. فمثلا : أن انشاء مركب سياحي او فنــدق يــؤدي الى خلــق
مناصب عمـل جديـدة فمثـلا انشاء فندق لاس بالماس(LASPALMAS ) باسبانيا
ادى الى خلق 2500 منصب شغل جديدة (2) .
3- تساهم في زيادة الدخل الوطني ، وفي تحسين ميزان المدفوعات وذلك ليس
فقط بمقدار ماينفقه السواح والمسافرون اثناء رحلاتهم ،بل عن طريق
مايطلق عليه في علم الاقتصاد "بالمضاعف الاقتصادي "لان الاستثمارات
السياحية تؤدي الى سلسلة اخـــرى من الاستثمارات التي تؤدي بدورها الى
زيادة الدخول وهكذا.
1 - نبيل الروبي / نظرية السياحة مجموعة الدراسات السياحية : مصر مؤسسة الثقافة الجامعية سنة1986 ص: 6.
2 - عادل طاهر السياحة ماضيها حاضرها ومستقبلها : مصر منشورات الاتحاد العربي للسياحة سنة 1974 ص :10
4- على المستوى الدولي فانها تحقق الفوائد التاليـة :
- تساعد على تحقيق التقارب والتفاهم بين الشعوب (LETOURISME PASPORT DE PAIX )
في العالم مما يؤدي الى تكوين راي عام دولي للسلام والامن الدوليين كما
تساهم في التقارب الحضاري والثقافي والرياضي بين شعوب العالم .
5 - تحقيق عملية التكامل الثقافي والاجتماعي والحضاري داخل المجتمع
الواحد ، لانها عن طريق الخدمات التي تؤدي تلعب دورا هاما في التنشئة
الاجتماعية والثقافية والسياسية للسكان خاصة الشباب منهم .
فللسياحة آثارا إيجابية وفوائد تعود على المجتمع إذا ما اهتمينا بها
ووفرنا لها كل المستلزمات التي تقوم عليها ويمكن إدراج هذه الاثار
فيما يلي:
- إحداث مناصب شغل عديدة وبالتالي تقليص من حدة البطالة .
- المساهمة في زيادة الدخل الوطني وتحسين وضعية ميــزان المدفوعات وذلك
بما ينفقه السواح أثناء إقامتهم وكذلك تضاعف الاستثمارات التي تؤدي
بدورها الى زيادة نسبة المداخيل.
- إسترجاع طاقات العمل لقوتها نتيجة لما توفره لها السياحة من راحة واستجمام .
- تدعيم العلاقات مع الشعوب عن التعارف والاطلاع على الثقافات والحضارات .
- الحفاظ على الاثار التاريخية وترقيتها .
- ترقية الصناعات التقليدية والتراث الثقافي (1) .
عن طريق التبادلات والرحلات كما حدث بالجزائر شــهر اوت سنة 2001 الملتقى
العالمي للشباب والذي أدى بدوره إلى عدة مزايا وخاصة منها السياحة
والتقارب الثقافي وكذلك الرحلات بين مختلف ومناطق البلاد.
ثـانيا : العيوب :
في تحديدنا لعيوب السياحة سنعتمد على تقسيم ( أحمد ادريس ) في دراسته
للسياحة التونسية ، حيث حدد الاثار السلبية للسياحة في ثلاثة أنواع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]2)
1- تؤدي الحركة السياحية وخاصة منها الخارجية الى إتصال مجتمع
إستهلاكي مع مجتمع نصف استهلاكي أو تحت استهلاكي ( الدول النامية ) الى
نشأة عادات إستهلاكية في الدول المتخلفة خاصة ، بحيث تكون هذه العادات
غير مرتبطة بمستوى المعيشة في البلد المستقبل للسواح الأجانب ، كما
أن إرتفاع الأسعار يؤدي الى إحداث التضخم مثل تونس ، المغرب ، الجزائـــر.
1 - GAZETTE OFFICIELLE DU TOURISME N° 369 du 21 -1-1975
2- NOTES ET ETUDES DOCUMENTAIRES LE TOURISMES DANS LE DEVELOPPEMENT ECONOMIQUE DE LA PAGNE / P 12
2- إن عدم التوازن في الأجور والحظوظ بين موظفي القطاع السياحي ،
والقطاعات الاقتصادية الأخــرى وكذلك الامتيازات فهذا القطاع يؤدي إلى
هروب الإطارات من القطاعات الأخرى إلى القطاع السياحي الذي يتوفر فيه
العامل على حظوظ اكثــر من العامل في القطاعات الاقتصادية الأخرى (
التجربة التونسية تثبت ذلك ) كما أن تركيز الخدمات والمرافق السياحية
في المدن الكبرى يؤدي إلى خلق النزوح الريفي كما هو الحال في إسبانيا
.(1)
3- كثرة الإعتماد على الاقتصاد السياحي ( السياحة الخارجية ) قد يخلق
مشاكل غير متوقعة للاقتصاد الوطني الذي يعتمد كثيرا على الايــرادات
السياحية بسبب الازمات الاقتصادية والسياحية والنزاعات الدولية التي قد
توقف الحركة السياحية نحو البلد ( حرب لبنان مثال على ذلك ) او حرب الخليج
والتي تأثر بها العالم الاسلامي والعربي كله سنة1991 وما نتج عنه من
تاثيرات سلبية على قطاع السياحة ثم تأتي سنة 2001 أي في 11 سبتمبر 2001
وما وقع في الولايات المتحدة الامريكية ثم رد فعلها وإعلانها الحرب على
دولة افغانستان فتأثرت بها السياحة الدولية وخاصة منها العربية
والاسلامية ، وهذا يؤدي الى التأثير سلبا على اقتصاديات العالم الاسلامي
والعربي وحتى العالم الغربي والتأثير الأكبر هو بالنسبة للدول التي تعتمد
على السياحة في اقتصادياتها.(2)
ونذكر البناءات الفوضوية بحيث يمكن إنشاء هياكل سياحية في مناطق غير متجانسة عمرانيا .
- إتلاف الطبيعة والاراضي الفلاحية أي إنشاء هياكل سياحية في مناطق زراعية .
- التدهور المحتمل للمواقع السياحية نتيجة إهمالها وعدم صيانتها تؤدي
الحركة السياحية خاصة منها الى إتصال المجتمع الاستهلاكي مع المجتمع
نصف الاستهلاكي أو تحت المجتمع الاستهلاكي ( الدول الفقيرة ) مما ينتج
عنه نشوء عادات إستهلاكية في الدول النامية غير مناسبة مع مستوى معيشتها .
- تقسيم طبقي إجتماعي : تفرق السياحة بين ذوي المداخيل المرتفعة والمداخيل
المنخفضة وهنا يظهر نوعان من السياحة الرفيعة خـــاصة بالنوع الأول
وسياحة دنيا خاصة بالنوع الثاني من افات إجتماعية منها السرقة والأمراض
المعدية . (3)
1ـ بوعقلين بديعة السياسات السياحية في المجتمع الجزائري وانعكاساتها على العرض والطلب رسالة ماجستير غير منشورة سنة 1996 ص : 34
2- Note et Etudes Documentaire OPCITE/ PAGE 16
3- بوعقين بديعة :مرجع سبق ذكره ص :35
المبحث الثاني: السياحة كنشاط إقتصادي في التنمية
لقد أصبحت المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية تنظر إلى
السياحة كقطاع إقتصادي له دوره في التنمية الاقتصادية إلى جانب قطاعات
النشاط الاقتصادي الاخرى لذلك فإن أغلبية الدول الصناعية والسائرة في طريق
النمو تعتبرها ( صناعة) قطاع انتاجي له اهميته التجارية والاقتصادية
والسياسية فهو بذلك لم يعد حاجة اجتماعية أو مجالا للترفيه والراحة فقط بل
أصبحت تشكل موردا أساسيا تعتمد عليه الدول في تنمية إقتصادياتها (1) .
وإذا كانت السياحة ( صناعة ) فماهي طبيعة ونوعية هذه الصناعة وما هي أهميتها الاقتصادية ؟ إذا كانت تعبر عن نشاط إقتصادي.
وفقا للتعاريف التي قدمت حول الظاهرة السياحية ( مجموع الانشطة الاقتصادية
،الصناعية والتجارية ) المنتجة للخدمات والسلع الاستهلاكية المطلوبة من
طرف السواح الاجانب والمحليين (2) ووفقا للاستعلامات المختلفة لها في
الحياة الاجتماعية والثقافية ، فهي كقطاع اقتصادي منتج للسلع والخدمات
تتركب من ثلاثة عناصر أساسية هي :
1- الـتـنقـل من مكان لاخر أو السفر خارج مقر الاقامة المعتاد.
2- إقامة لمدة 24 ساعة على الاقل خارج مقر الاقامة الجديدة.
3- إنفاق النقود في الاماكن المقصودة.
وبناءا على العناصر الثلاثة السابقة الذكر يمكن تحديد طبيعة
هذه ( الصناعة ) غير أنه لايمكن الوصول الى تحديد هذه الصناعة دون دراسة
المنتج الذي نقدمه للمستهلك.
المطلب الأول : صناعة السياحة وقضايا التنمية الوطنية
تعتبر المقومات والموارد السياحية ( التاريخية ـ الدينية ـ الطبيعية ) إحدى
الركائز الاساسية للعرض السياحي في أي دولة ، ويعتبر التمييز المطلق او
النسبي بين الدول في مدى توافر هذه الموارد والمقومات شــرط الظرورة أو
أحد المحددات الرئيسية للطلب السياحي في كثير من الاحيان وبصفة خاصة
بالنسبة لبعض أنواع السياحة كالتاريخية أو الدينية مثلا ، وتأتي الخدمات
السياحية كشرط كفاية لتحقيق الجذب السياحي المطلوب .
ولايعني توافر شرطي الضرورة والكفاية كمحددات أساسية للطلب السياحي
بدولة ما انها أصبحت مركزا للجذب السياحي حيث ان الكثير من المتغيرات
الداخلية والدولية (توافر خطوط الإتصال والمواصلات الدولية بين الدول
المعنية ، الإستقرار السياسي أو السلام الاجتماعي في الدولة وغيرها ) . من
العوامل التي قد تؤثر تأثيرا ملموسا على طلب جمهور السائحين لخدمات
الدولة السياحية .
EMANUEL DE KADI TOURISME PAS PORT DEVELOPPEMENT . UNISCO.1976-1
2- VECTON MEHOU LOKO - LE TOURISME DANS LES PAYES EN DEVELOPPEMENT PARIS 1979 P /14
والسياحة كصناعة تنطوي بصفة عامة على عدد من المكونات أو العناصر أهمها :
أ) - المقومات والموارد الأساسية.
ب) - التجهيزات السياحيـة .
ج) - الخدمات السياحيــة.
د) - خدمات المواصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية المحلية والدولية .
هـ) - الدعاية والترويج السياحي.
و) - الطلب السياحي.
وهنا تجدر الاشارةالى ان الخدمات السياحية تنقسم إلى نوعين رئيسيين :
الأول : هو الخدمات الأساسية كالفنادق وأماكن الإقامة الاخـــرى ( القوى السياحية ، بيوت الشباب ، المعسكرات وغيرها) .
الثاني: أما النوع الثاني من الخدمات السياحية فيطلق عليها لخدمات
التكمـيلية المتمثلة في خدمات المواصلات والإتصالات ،وكالات السياحة أو
السفر، محلات لبيع الهدايا السياحية أو التحف التذكارية المطاعم ،دور
السينما والمسارح الحدائق العامة ، مكاتب الإعـلام والإرشاد السياحي
وغيــرها.
والسياحة كنشاط إقتصاد ينطوي على عدد من الخصائص منها :
1 - تشعــب وتعـدد مكونــات النشاط السياحي وارتباطها بالكثير مـن الانشطــة الاقتصاديــة الاخرى ( صناعة خدماتية ).
2 - إن مدى ملائمة المناخ السياحي بمفهومه الشامل ( الاستقرار السياسي،
درجة التقدم الاقتصادي، عدم وجود إتجاهات عدائية إتجاه الاجانب .. الخ) .
من العوامل المؤثرة على الطلب المنتج السياحي محليا ودوليــا .
3 - إرتباط صناعة السياحة ـ كنشاط إنتاجي ـ يقدم خدمات ذات طبيعة خاصة
بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الكثير من الدول
النامية والمتقدمة على حد سواء.
4 - عدم سيادة المنافسة الصافية ــ أو احتكار القلة ــ في الكثير من
الحالات خاصة بالنسبة لبعض المقومات والموارد السياحية النادرة وصعوبة قيام
بعض الدول بإنتاج سلع سياحية بديلة
5- تباين وتعدد أنواع السياحة وأغراضها مما يترتب عليه تنوع واختلاف الانشطة وطبيعة الخدمات السياحية المرتبطة بها.
إن توافر الخصائص السابقة وغيرها من القوى والمتغيرات البيئية الداخلية
والخارجية التي تمارس تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على الطلب السياحي يضيف
الكثير من الصعوبات التي تواجه القادمين على التخطيط السياحي في دولة ما .
فالكثير من العوامل البيئية المؤثرة على الطلب السياحــي لايمكن عليها أو
التنبؤ بها.
المطلب الثاني: دور السياحة في قضايا التنمية
رغم تباين الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لصناعة السياحة
في الجزائر تباين أنواعها وأنشطتها المختلفة إلا أن الدلائل العلمية
وتجارب الدول تشير إلى التزايد الملحوظ في الدور الذي تلعبه السياحة بصفة
عامة في قضايا التنمية بمفهومها الشامل وقد ترجم الاهتمام الشديد بقطاع
السياحة في الكثير من دول العالم في شكل تشجيع الاستثمارات الاجنبية
واعطاء المزيد من الحريات للقطاعين العام والخاص بمزاولة العديد من الانشطة
وانشاء المشروعات السياحية وأن الملتقيات والندوات التي انعقدت بالجزائر
لاكبر دليل على الاهمية التي ولتها الجزائـر في الاونة الاخيرة لقطاع
السياحة .
هذا بالاضافة إلى التسهيلات المتنوعة كالاعفاءات الضريبية او التخفيض
منها وخاصة الصناعات التقليدية وكذلك المساعدات الجمركية والتسهيلات التي
يتلاقها أصحاب السياحة العمومية والخواص والاجانب وكذلك مساهمة الدولة في
تكاليف انشاء الخدمات اللازمة للمشروعات السياحية كتمهيد الطرق في
الأماكن السياحية الوعرة المسالك وكذلك إنشاء الشبكات الخاصة بالكهرباء
والمياه والاتصالات وغيرها.
ويمكن تلخيص الاثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للسياحة وفقا للمحاور الاتيــة:
أولا: تدفق رؤوس الأموال الأجنبيــة:
من الممكن أن يساهم القطاع السياحي بدرجة ملموسة في توفير جزء من النقد
الاجنبي لتنفيذ خطط التنمية الشاملة فكما هو الحال في معظم الدول
الناميـة.
فإذا كان من المسلم به أن الجزائر تمتلك من الموارد والمقومات السياحية
التاريحية والطبيعية والتي أيضا تتوفرعلى ساحل طوله 1200 كلم ،فان
الاستغلال الجيد لمثل هذه المزايا سياحيا من الممكن ان يحقق تدفقا نقديا
للنقد الاجنبي.
ويمكن تلخيص بعض انواع التدفقات من النقد الاجنبي الناتج عن السياحة في الاتي:
1- مساهمة رؤوس الاموال الاجنبية في الاستثمارات الخاصة بقطاع السياحة ( بناء الفنادق القرى السياحية ..الخ ) .
2- المدفوعات السياحية التي تحصل عليها الدولة مقابل منح تأشيرات الدخول الى البلاد.
3- فـروق تحويل العملة.
4- الانفاق اليومي للسائحين مقابل الخدمات السياحية ( الاساسية
والتكميلية ) بالاضافة الى الانفاق على طلب السلع الانتاجية والخدمات
لقطاعات إقتصادية أخــرى.
5- الايــرادات الاخــرى للفنادق من السائحين .
ومنه يجب الاخذ بعين الاعتبار الاثار السلبية الناجمة عن تحولات
الارباح ودخول العاملين الاجانب الى الجزائر والمرتبطة بمثل هذه المشروعات
في نفس الوقت من الممكن تطبيق بعض السياسات التي تحدمن معدل أو مقدار
التحولات إلى الخارج بالاضافة إلى هذا فإن إسهام الشركات
الأجنبية في مقدار ما تحققه من تدفق لرؤوس الأموال الأجنبية يتوقف على عدد
من العوامل الأخرى منها على سبيل المثال حصة الشركات الاجنبية في رأس
مال المشروع السياحي ، حجم الأموال المقترضة من داخل الدولة ، حجم الأرباح
التي أعيد إستثمارها بالمقارنة بالتي تم تحويلها للخارج وغيــرها.
ولقياس مدى فعالية المشروع السياحي الأجنبي في مدى إسهامه في توفير
تدفق النقد الأجنبي للدولة يمكن إستخدام بعض المعايير والاساليب منها :
- تحليل الإتجاهات ( تصاعد ـ هبوط ) التدفق السنوي الداخل مقارنة بالتدفقات الحارجة.
- حصة المساهمة للشركات الاجنبية في المشروع والقروض التي تم الحصول
عيها من الدولة الأم أو من البنوك حارج الدولة المضيفة ( الجزائر)
مقارنا التدفقات المالية الخارجة ( أرباح + دخول العاملين الأجانب ).
- نسبة حجم الأموال أي حصة الشركات الأجنبية في المشروعات إلى الدخل الوطني مقارنة بنظيرتها الوطنية.
- الضرائب السنوية التي تدفعها الشركات الأجنبية مقارنة بنظيرتها من
المشروعات الوطنية وخاصة القطاع العام ) في نفس القطاع .
يجب أيضا مراعات الاثار السلبــية لمثل هذه الشركات وضرورة وجود او وضع مجموعة من الضوابط التي تقلل من هذه الاثار.
ثانيا: نقل التقنـــيات التكنولوجية
تعتبر عملية التكنولوجيا ـ خاصة عن طريق الشركات الاجنبية ـ من احد
الموضوعات المثيرة للجدل ويدور هذا الجدل حول عدد المحاور الرئيسية مثل :
1- مدى ملائمة المستوى التكنولوجي الذي تجلبه الشركات الاجنبية مع
التغيرات البيئية داخل الدولة مثل مدى توافر المهارات اللازمة لتشغيل
الاجهزة او المعدات والانظمة المختلفة للانتاج ، طرق تقديم وتسويق المنتوج
ومدى تلاؤمها مع المعتقدات والقيم الثقافية والروحية ، الخدمات
المرفقية ) .
2- تكلفة التكنولوجية الآثار المــرتقبة على العمالة وميزان المدفوعات .. الخ .
3- الآثار السلبية على المشروعات الوطنية.