لماذا الشعب الجزائري شعب عنيف ؟

في خضم الأحداث التي تشهدها الجزائر يتحدث الكثير عن خوفه من إغراقنا في
عشرية سوداء جديدة تتفجر فيها دماء الأبرياء، و نحن نسأل الله السلامة و
الأمن لبلدنا و لكن مع ذلك نقولها بكل صراحة نحن فعلا نخشى ذلك فهو أمر غير
مستبعد خصوصا بالنظر إلى الأوضاع المتردية التي يعيشها الناس من أزمات
السكن و البطالة و غلاء المعيشة و البيروقراطية و الانغلاق السياسي و كبت
الحريات ....
و الذي يقرأ صفحات الجرائد في بلادنا و يطالع العناوين اليومية يصاب بإحباط شديد من حجم انتشار الجرائم و اللجوء إلى العنف
الآلاف من الاحتجاجات و الإضرابات، و البعض يخاطر بنفسه في قوارب الموت
بحثا عن كرامته ما وراء البحار، و البعض الآخر يلجأ إلى حرق نفسه لوصوله
إلى درجة الحضيض، و البعض يطعن أمه تحت تأثير المخدرات و الآخر يقتل أستاذه
لحرمانه من حقه ..... و القائمة مفتوحة لا حصر لها
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا أصبح هذا الشعب الجزائري الذي نعرف يقينا أن معدنه طيب و أن أصله الكرم و حسن الخلق ؟
لماذا تردّت الأوضاع لدرجة أصبح يشعر المواطن بعدم الأمان حتى و هو في بيته ؟
طبعا الاحتقان الذي وصلنا إليه و الغضب الذي بات الجزائريون يعرفون به في
العالم بأسره له أسبابه التي جعلت ثقافة الشعب هي العنف فما هي هذه الأسباب
؟
ربما هناك أسباب كثيرة و قد تعلقون عليها، و لكن أنا أكتفي بسبب واحد فقط و أراه من وجهة نظري هو السبب الرئيسي لهذه المشكلة
أنا أحمّل الحكومة الجزائرية نصيب الأسد من هذا الوضع المشين الذي نعاني منه
و هناك أدلة كثيرة تبيّن لنا بوضوح أن العنف الذي نعاني منه في الجزائر هو نتيجة لممارسات السلطة الخاطئة تجاه هذا الشعب الأعزل
و الأمر ليس وليد اليوم، بل منذ الاستقلال و نحن نعاني الأمرّين من هذه الحكومة
الصراعات التي دارت في سدة الحكم آنذاك، و اللجوء إلى العنف و التصفيات
الجسدية و الانقلابات العسكرية و الضغط بقبضة من حديد على كل من يقول لا
لصاحب القرار و التهجير القسري لكل من يفتح فمه لكشف ملف يقضي بتورط شخص من
داخل النظام
البيروقراطية و فساد المناهج التعليمية و سوء توزيع الثروة الذي تمارسه
السلطة عمدا كي نبقى متخلفين إلى يوم الدين هو الذي خلق هذه الفوضى لكي يظل
المواطن المغلوب على أمره يجري وراء لقمة العيش دون أن يتخل في شؤون
الكبار
لقد خلقوا لنا جماعات إرهابية و قاموا بمجازر رهيبة في حق الشعب الأعزل لا
لشيء إلا ليحافظوا على السلطة و يقمعوا المسار الديمقراطي الذي اختاره
الشعب
و إلى غاية يومنا هذا و رغم أن السيد عبد العزيز بوتفليقة أتى بقوانين
المصالحة و السلم إلا أن دار لقمان ما زالت على حالها، و ما زلنا نعاني
إلى حد الآن من سياسات الترهيب و الخطف و القمع ، و ما يزال الكثير من
الأبرياء يقبع في السجون الرهيبة و يخضع للتعذيب من غير ذنب ارتكبه
لا شك أننا بعد هذا عرفنا لماذا الشعب الجزائري شعب عنيف ؟
و سنظل هكذا شعب عنيف إلا أن تتغير هذه السياسات الرعناء و يرحل هذا النظام الدموي
أتحدى أي واحد يقول أن هذا الكلام باطل