الشيخ الفاضل : بن عامر لخضر بن احمد
ولد الشيخ : لخضر بن عامر بن احمد بن محمد سنة 1887م بقرية الدشـرة حسب سجل الحالة المدنية لبلدية برج الغدير .
أمه السيدة الفاضلة : بن اصفية الذوادية بنت بركات من قرية أولاد سيدي احسن بلدية غيلاسة حاليا .
نشأ في أسرة متواضعة وحافظة لكتاب الله تعالى حيث كان أبوه أحمد معلم قرآن وكذلك جده محمد رحمهما الله تعالى .
دخل كتاب القرية في سن مبكرة وتتلمذ على يد والده الذي كان معلما بقرية ( تويرة ) وبعض شيوخ القرية الأفذاذ .
تمكن الشيخ الفاضل ( لخضر بن عامر ) من حفظ القرآن الكريم نتيجة اهتمام الوالد ، حيث كان يطلب منه تلاوة الأحزاب المقروءة كلما عاد من عمله ، دون أن ننسى المجهودات التي بذلت من قبل شيوخه خلال هذه الفترة من حياة الشيخ ( بن عامر ) أمثال الطالب عمار بن جرار .
لم يكتف الشيخ بحفظ القرآن الكريم بل واصل المشوار رفقة البعض من أبناء القريـة لدراسـة ( مصنف سيدي خليـل المتكون من أربعة اجــزاء ) وكذلك ( بن عاشر ) علي يد العلامة الحاج محمد السعيد بن الأطرش رحمه الله .
وقد أنعم الله تعالى عليه بالصوت الجهوري الذي استغله في قراءة القرآن الكريم , والعديـد من حفظة كتـاب الله تعالى من أهـل القريـة ( الد شرة ) وخارجها يتذكرون تلك التلاوة التي يتلوها رحمه الله لما لها من أثر بارز وصدق في النفس , حيث تذرف دموعه أحيانا خشية من الله تعالى وإدراكا لمعنى الآيات التي يتلوها .
أما المستمع لتلاوته فيشعر بقشعريرة تسري في جسده نتيجة صدق النطق لآيات الله تعالى , وكثيرا ما يتوقف من كان يتلو معه قصد الاستماع .
بدأ مشواره المفضل وهو لايزال في ريعان شبابه رفقة والده ( أحمد ) قصد اكتساب الخبرة بقرية ( تويرة ) بلدية بليمور حاليا .
رحل الشيخ إلى قرية( لربـاع ) برأس الواد لتحمل مسؤولية تعليم أبنائها بكل اطمئنان ، فعاشر الجميع بصدق وأخلص في عمله مصداقا لقول الرسول ( ص ) : (خيركم من تعلم القرآن وعلمــه ).
وبعد وفاة الـوالد ( أحمـد ) رحمه الله ، غادر الشيخ لخضر المنطقة لأنــه الولـد الوحيد الذي سيتحمل مسؤولية رعاية شؤون الأسرة المتكونـة من ( الأم: الذوادية ـ لخضر ـ العمتان : امباركة ـ وبركاهم ) وبعد فترة قصيرة أصرت الوالدة على تزويجه من قرية أولاد السلينني بالسيدة الفاضلة رحموني حدة , التي أنجبت له ( بن يحي ـ لحسن ـ زينب ـ فاطمة ).
باشر الشيخ لخضر تعليمه بعد وفاة الوالد بفترة قصيرة ، بقريــة (الدريمعات ) أولاد مخلـوف في أواخر الأربعينات ، فاستقبل من طرف السكان بصدر رحب .
حيث كان محل ثقة بينهم لما يتسم به من أخلاق فاضلة وطيبة نفس ورثها عن العائلة الكريمة خلال طفولته :أبا عن جـد .
بذل الطالب ( لخضر ) كل ما في وسعه متبعا طرائق والده وشيخه الفاضل رحمهما الله تعالى ، وقد وفق في عمله وحفظ العديد من الطلبة كتاب الله سبحانه كل حسب قدراتـه وسنـه ( ربع ـ نصف ـ الكل ) أمثال :
بلعمري الدراجي ـ بخوش البشير ـ بوقرة أحمد ـ بوقــرة الفاطمي ـدهيمات لخضر ـ بخليفة عمار ـ بو قرة رشيد ـ بو قرة نصر الدين .
ومن الإناث أمثال :
بوقرة فطيمة ـ بوطر يـق ياسية ـ بوقـرة كافية ....
وهم اليوم يتذكرون خصال الرجل وما بذله من جهد في تعليمهم ونصحه لهم ,ومابذله كذلك في حل العديد من النزاعات المنزلية والقروية لأنه كان يحق الحق ويبطل الباطل بغية إرضاء الله تعالى دون سواه .
كما أشرف على عقود الزواج للعديد من أبناء القرية ,وكذلك عقود البيع والشراء حيث يكتب 3 نسخ فتسلم واحدة للبائع والأخرى للمشتري ويحتفظ بالثالثة ولازال العديد منها عند أحفاده .
ولما توفيت الزوجة الفاضلة ( رحموني حدة ) اعتنت به زوجة الابن( بن يحي ) جزاها الله خيرا .
وخلال هذه الفترة الطويلة ورغم الظروف الاستعمارية التي فرضها المستعمر على الشعب الجزائري من اعتقالات واستنطاق وتهجير لم تكل عزيمته ، وبقي مثابرا ،كما كان محل ثقة لمجاهدي المنطقة حيث يستشار في العديد من المسائل لما له من نصح وجيه بشهادة البعض من أبناء المنطقة .
ولما اشتد الحصار على الناحية بسبب انتصارات المجاهدين ، استقر بالقرية مدة طويلة ولم يتمكن من مغادرتها إلا مرة أو مرتين خلال الشهر مستعينا بأبناء أخته : مروش البشير بن عبد الرحمن أو أخيه موسى .
وفي بداية سنة 1954م لم يتمكن من مواصلة المسيرة بالمنطقة ، فعاد نهائيا ليكمل المشوار بقرية الدشرة ( أولاد لعياضي ) بمسجد أولاد سيدي منصور ( جامع الزيلال ) المجاور لمقر سكناه .
بقي الشيخ الفاضل بنفس العزيمة رغم كبر سنه فاستطاع بخبرته الفائقة كالعديد من شيوخ القرية أن يتمكن طلبتــه من حفظ كتاب الله تعالى كل حسب قدراته العقلية ( من ربع أو نصف أوكله )أمثال :
مروش المنصوري بن بلقاسم ـ مروش علي ( الشامي ) ـ لوعيل علي بن الطيب ـ بلالطة محمد ـ بوسام عبد الكريم ـ مروش العمري بن موسى ـبلالطة المسعود ـ مروش ابراهيم بن الطيب ـمروش لخضر ( الشامي ) ـ مروش البشير المدعو ( البشير الصيد )..
ولم يكتف الطالب لخضر بن عامر بتحفيظ القرآن الكربم خلال هذا العمر بل كان يستغل فترات الراحة ليلا ونهارا في نسخ كتاب الله تعالى عدة مرات وإهدائها ولم يحتفظ لنفسه إلا بمصف واحد وهو لازال لحد الآن .
ولما وهنت قوته توقف عن التعليم وبقي مثابرا على تلاوته في المنزل رفقة ابن أخته ( مروش أحمد بن عبد الرحمـن) .
كما يختم تلاوة القرآن عدة مرات خلال شهر رمضان من كل سنة دون صلاة التراويح التي يؤديها بالناس في المسجد .
وبعد مرض طويل بسبب سقوطه وكبر سنه وهو عائد من الغدير بالمكان المسمى ( شعبة سيدي الفضيل ) وافته المنية يوم 25جوان 1956م على السـاعة التاسعة ( 9 ) حسب شهادة الوفاة المستخرجة من الحالة المدنية لبلدية برج الغدير .
دفن جثمانه الطاهر بالمقبرة الوسطى للدشرة ، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه .
ورحم معه كل شيوخ القرية وأعلامها ممن سبقوه وعاصروه ونالت بهم القرية الشرف العظيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون آميـــن.
الحفيد بن عامر لخضر بن بن يحي )