بسم الله الرّحمن الرحيم
الرأي العام ودوره في التغيير(1)
توطئة
سنتناول في هذا البحث بعض المواضيع المتعلقة بالرأي العام بقدر ما يسمح به هذا البحث، وخاصة تأثيره في التغيير وتقلباته. ولكن سنتناول تعريفه أولا، ومن ثم كيفية إيجاده، وبعد ذلك نركز على أهميته وعلى تأثيره، وننظر في مدى ثباته وتقلبه أي نبحث مدى ديمومته، ونبحث في القوى القادرة على إيجاده وتغييره، وكذلك نتعرض لوسائل نشره ونلتفت إلى أنواعه.
نطرح بعض الأسئلة على أنفسنا متعلقة بهذا الموضوع لنجيب عليها في هذا البحث، ولنلفت نظر السامع والقارئ إليها حتى يقيّم مدى إجابتنا عليها، وليضيف إليها أسئلة أخرى؛ فهل يستطيع الرأي العام أن يؤثر في المجتمعات ويغيرها؟ وهل يستطيع أن يؤثر في الدول ويغيرها أو يغير مواقفها؟ هل يوجد هناك رأي عام محلي ورأي عام دولي أو عالمي أي ما هي أنواعه؟ هل يوجد رأي عام واع وغير واع أو رأي عام منبثق عن وعي عام ورأي عام غير منبثق عن وعي عام؟ أي ما هو دور الوعي العام في الرأي العام؟ كيف يجري العمل لتغيير الرأي العام؟ هل الأفراد قادرون على تغيير الرأي العام أم أن ذلك مرهون بالأحزاب والتنظيمات والدول؟
ما دور وسائل الإعلام والنشر في تغيير الرأي العام؟ وما هي كيفية مخاطبة الرأي العام أي نوجد الرأي العام؟
مقدمة
إن للرأي العام قوة تأثير سحرية يحس بها الناس، ويدركها المفكرون، ويخافها السياسيون المتربعون على كراسي الحكم، ويستعملها السياسيون العاملون للوصول إلى سدة الحكم. فالسياسيون وهم الذين يرعون شؤون الناس سواء أكانوا من القسم الأول وهم المنفذون أم كانوا من القسم الثاني وهم الذين ينتظرون دورهم ليكونوا منفذين ويتحينون الفرص لذلك؛ كلاهما يعمل على إيجاد الرأي العام وعلى تغييره وعلى توجيهه؛ فكل يعمل لصالحه! أما المفكرون فهم الذين يدرسون تقلبات الرأي العام وتوجهاته، ويبحثون في الأفكار السائدة فيه وفي القوى التي أوجدته، وينتقدون ويشرحون ما يتعلق بها لأنهم سائرون مع التيار الجارف! إلا إذا كانوا مفكرين سياسيين فإنهم يعتبرون من السياسيين العاملين، ولا يعتبرون من المفكرين النظريين والمنظرين. فإنهم يقومون بتقديم أفكار جديدة ويدرسون كيفية إيجاد رأي عام لها، ويقومون بالعمل على ذلك فعليا، وبالتالي تنفيذها في المجتمع.
وأما السياسيون البرجماتيون فهم الذين يسايرون الرأي العام ويحاولون أن يستغلوه، ويحققوا بواسطته مصالحهم الآنية، فلا يعملون على الاصطدام مع الرأي العام، ويعتبرون ذلك واقعية يجب موافقتها والسير حسب الظروف المواتية، فهم ليسوا عقائديين ولا مبدئيين، وإن آمنوا بعقيدة أو بمبدأ فلا يتخذونهما أساسا لعملهم السياسي، وهم مستعدون للتراجع خطوة خطوة وللتغير الفجائي حتى يحافظوا على مكانتهم في العمل السياسي ويحافظوا على تحقيق مصالحهم، وهم مستعدون للنفاق والدجل والكذب والخداع، فلا يضيرهم ذلك، ولا يخدش حياءهم إن عرفوا معنى الحياء! فهم محترفون للسياسة كمهنة أو كتجارة، ويعتبرون ذلك حنكة وقمة الذكاء والدهاء!
وأما عامة الناس فإنهم يحسون بتأثير الرأي العام وينساقون معه؛ فهم متفاعلون ومتأثرون، وهم المستهدفون منه، وهم الذين يقعون تحت سيطرته.
تعريف الرأي العام
يقول بعض العلماء بأن الرأي العام له طبيعة مائعة، فهو قوة حقيقية شأنها شأن الريح؛ له ضغط لا تراه، ولكنه ذو ثقل عظيم، ولا تمسك به ولكنك تحني له الرأس مطيعا.
واعتبر البعض بأن الرأي العام عبارة عن منظومة متكاملة تبدأ بالمعلومات وتنتهي بالسلوك، فتشمل المعلومات والآراء والاتجاهات والقيم والمعتقدات والسلوك.
فالعالم الأمريكي ليو كومب في كتابه علم النفس أطلق على الرأي العام مصطلح الاتجاهات الجماعية. وعرف الاتجاه بأنه استعداد نفسي لاستجابة سلوكية معينة تجاه موقف معين لم يتحدد بعد، فهو كامن إذا توفر أحد شروط الرأي العام.
وورد في الموسوعة الفلسفية التعريف التالي: الرأي العام هو مجموع الأفكار والمفاهيم التي تعبر عن مواقف مجموعة أو عدة مجموعات اجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر من الحياة الاجتماعية وإزاء نشاط الطبقات والأفراد.
وفي قاموس وبستر عرف بأنه الرأي المشترك خصوصا عندما يظهر أنه رأي العامة من الناس.
وفي معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية يعرف بأنه عبارة عن وجهات النظر والشعور السائد بين جمهور معين في وقت معين إزاء موقف معين أو مشكلة من المشكلات.
لمزيد من الاطلاع على البحث يرجى زيارة هده المدونة mimoun.ahlablog.com