[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الأمراض
الصامتة أخطر من تلك التي تعطي مؤشرات مسبقة وتنذر بوجوب التوجه للخضوع
لفحص عند الطبيب المختص! وجسم الإنسان عموماً عرضة لشتى الإنتكاسات
والأمراض التي تصيبه على حين غفلة.والمرأة،
تعاني بدورها من مشاكل قد تبدأ طفيفة لتتفاقم ما لم يتم علاجها… سرطان عنق
الرحم من أنواع السرطانات التي تفتك بصحة المرأة وتهدد سلامتها لأنه يبدأ
مخفياً ويوحي بدلالات أخرى، لكنه في الصميم قد ينتشر ليطال باقي أعضاء
الجسم ويعطل وظائفها.
من هنا، فالوقاية جوهرية لمحاولة الكشف المبكر عن أي خطب يلم بالسيدة،
كي تستبق الأمر وتعالج الموضوع منذ البداية بطرق بسيطة ولمدة وجيزة.
للوهلة الأولى، يخيل للمرء ان السرطان داء لا دواء له، ومرض يعصى عنه
الأطباء، ومشكلة لا حل لها. بيد أن هذا الأمر عارٍ عن الصحة، لأنه بالإمكان
الآن إيجاد الحل الشافي لكل مرض، بغية التخلص منه قبل إنتشاره في الجسم
برمته.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يتحدث
الدكتور جان معوض، إختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد، عن سرطان عنق
الرحم الذي يصيب فئة واسعة من النساء، موضحاً الأسباب والأعراض. كما يفسر
البروفيسور جوزيف قطان، إختصاصي أمراض الدم والتورم، والأستاذ المجاز في
كلية الطب في جامعة القديس يوسف في بيروت، عن علاج هذا النوع من السرطان
ونسبة إنتشاره وعلاقته بالأمراض الأخرى.
تعريفكثيرة هي أنواع السرطانات التي ل ترحم وتفتك بجسم الإنسان، وقد يصل بها
الحد إلى التسبب بالموت. إلا أن الكشف المبكر بات يمكن الجسم الطبي من
محاربة كل الأمراض للقضاء عليه في مهدها قبل أن تزيد خطورتها.
كما أن بعض السرطانات أقل خطر من سواها، إذ يمكن تفاديها، أو التخفيف من وطأتها، أو إستئصال التورم الناتج عنها بصورة كاملة.
يرى الدكتور معوض أن “سرطان عنق الرحم هو ذاك الذي يصيب المنطقة داخل
المهبل كخطوة أولية”. ويشير البروفيسور قطان إلى أن “هذا النوع من السرطان
كسواه، هو تورم يمر بمراحل عديدة قبل أن يصل إلى مرحلة “السرطان”، نتيجة
تحولات الخلاي وفقدانها الإنصياع للعوامل الطبيعية ونمطه المعتاد. فتتكاثر
النواة من دون إحترام شكلها أو عملها أو مدة حياتها أو سواها من الضوابط
التي تخضع لها كل الخلاي في جسم الإنسان”. فمن الممكن القول إن سرطان عنق
الرحم هو من أكثر أنواع السرطان المفهومة علمياً.
جسم المرأةأنعم الله على المرأة بشتى الطرق، إذ مكنها من الحمل والإنجاب. إلا ان
لكل عملة وجهين. فصحيح أن المرأة قادرة على حمل كائن حي في أحشائها لمدة
تسعة أشهر، كي ينمو ويكبر، ثم يواجه الحياة وهكذا دواليك… إلا أن الثمن
يكون القدرة الهائلة على تحمل كم من الآلام والوجاع. كما أن التكوين
البيولوجي والفيزيولوجي عند السيدة معقد بعض الشيء، ودقيق، ويفرض الوقاية
المستمرة وإستشارة الطبيب مداورة للتأكد من أن لا خطب فعلياً يهدد سلامة
المرأة.
يتكون الجنين في الرحم، ليخرج من عنق الرحم أثناء الولادة الطبيعية.
يقول الدكتور معوض “منطقة الرحم مقسمة إلى جزءين: واحد في البطن ويشكل جسم
بيت الرحم، وآخر في المهبل وهو عنق الرحم. أما سرطان عنق الرحم، فهو مختلف
تماماً عن السرطان الذي قد يصيب بيت الرحم عموماً، بإختلاف الأسباب
والأعراض والمخاطر”.
أسباب سرطان عنق الرحميمكن القول إن عوامل كثيرة مجتمعة قد تكون المسبب لبروز سرطان عنق
الرحم. بيد أنه لا يمكن الجزم تماماً، فبعض النساء أكثر عرضة من سواهن
للإصابة بهذا المرض. يقول البروفيسور قطان “سبب هذا النوع من السرطانات هو
عموم إلتهاب مزمن أو نوع من الفيروس يتحول مع الوقت إلى مرض سرطاني. ولعل
أبرز أنواع الفيروس هو Human Papilloma Virus الذي يشكل الخطر الأكبر إذ
تتجاوب الخلايا إثره لتتحول سرطانية”.
يضيف الدكتور معوض: “من الملاحظ إصابة النساء المدخنات أكثر من سواهن بهذ
المرض، خصوصاً اللواتي بدأن التدخين في سن مبكرة، إذ إن النيكوتين يتركز في
إفرازات عنق الرحم. كما أن تعدد العلاقات يلعب دوراً مسبب في هذا الأمر،
إضافة إلى قلة الإهتمام بالنظافة الشخصية التي تولد الفيروس”.
فالملاحظ أن إنتشار هذا السرطان يكون بشكل موسع أكثر في المجتمعات التي تضم
أشخاصاً ينتمون إلى مستويات إجتماعية وإقتصادية متدنية. هذا، ويؤكد
الأطباء أن السيدات اللواتي يعانين مرض الايدز قد يعانين أيضاً من سرطان
عنق الرحم لأن فيروس الايدز يعرض ال HPV للتكاثر أكثر، وبالتالي، يسبب
الأذية بصورة أكبر.
إهتمام ووعيتغيرت الأوقات وتبدلت الأزمان، فأصبح من الممكن أن يشفى المرء من مرض
يعانيه إذ إستدرك الموضوع وباشر العلاج. ومع إنطلاق حملات التوعية الواسعة،
عبر كل وسائل الإعلام، ومن خلال المحاضرات والندوات، وعبر إطلاق الشعارات
والقيام بالحملات في المستشفيات، أضحت النساء أكثر وعياً لحالتهن الصحية،
إذ صرن يكرسن الإهتمام بسلامتهن ، وينتبهن للنصائح الموجهة إليهن ويتوجهن
للخضوع للفحوص مداورة للوقاية قبل العلاج.
يشكل الوعي حافز جوهرياً يدفع بالنساء إلى معرفة أجسامهن والخطر الذي قد
يحدق بها. إلا أنه مع الإنفتاح والدعم، بات الأمر أسهل، بمساعدة الطبيب
وتعاون السيدة وإجراء الفحوص اللازمة.
متى المرضلا ينبغي أن يكون الإنسان متطرفاً في التعامل مع ما يهدد سلامته: فلا
يجوز أن يستهتر بصحته ويهمل كل الدلائل ولا يتوجه للطبيب أبداً من جهة، كما
لا يجوز أيضا أن يصاب بالوسواس المرضي ليفترش أرض المستشفيات والعيادات
ويصر على أنه مصاب بمرض!
على السيدة أن تراقب نفسها، فتعرف من بعض الإشارات أنه تعاني ربما خطباً ما يجب معالجته.
يقول الدكتور معوض “من الممكن أن تعاني المرأة سرطان عنق الرحم ويكون
صامتاً، فلا يظهر الأعراض، بل يكتشف صدفة أثناء القيام بالفحص الروتيني عند
الطبيب النسائي. كما قد تكون الإصابة بفيروس معين حافزاً للتعمق في الفحوص
للكشف عن إحتمال الإصابة بمرض ما.
وأما في الحالات التي تظهر أعراضاً لسرطان عنق الرحم، فقد تكون جراء
ملاحظة نزف دم في أوقات خارج الدورة الشهرية، أو أثناء العلاقة الحميمة”.
من هنا، على المرأة أن تولي نفسه الإهتمام الوافر، وتراقب وضعها، لتتوجه إلى الطبيب لدى ملاحظة أي خطب.
مضاعفات سرطان عنق الرحمكل مشكلة تبدأ صغيرة ويكون علاجها بسيط وسريعاً ومضموناً. لكنها تتفاقم
مع الوقت إذا تم إهمالها، لتلقي بأثقالها على كاهل الجسم كله، فتؤدي إلى
مشاكل كان المرء في غنى عنها أصلاً.
يشرح الدكتور معوض: “أحياناً قد تتوجه السيدة إلى الطبيب بسبب مشاكل في
البول مثلاً، فتكتشف أنها تعاني سرطان عنق الرحم! إذ إن المثانة والجزء
الأخير من المصران الغليط أي الأمعاء، والمهبل مرتبطة ببيت الرحم، وقد يمتد
سرطان عنق الرحم إلى مناطق أخرى في الجسم، منه كمرحلة أولية، المثانة
والأمعاء والمخرج”.
يضيف البروفيسور قطان “في الحالات المتقدمة وغير المعالجة، قد يتسبب
الورم السرطاني بإنسداد مجرى البول فتتنفخ الكليتان ويعلو مستوى الزلال في
الدم. وقد ينتقل المرض إلى الرئتين وحتى الكبد والبطن وسواها من الأعضاء
الحيوية في الجسم فتتعطل وظائفها”. وقد يصل الأمر في نهاية المطاف إلى
التسبب بالموت إذا لم تعالج المريضة وتتابع حالته مع طبيبها وتحل مشكلتها
منذ البداية قبل تفاقمها.
علاج سرطان عنق الرحمإن الإصابة بسرطان عنق الرحم ليست بالضرورة إشارة إلى إنعدام العلاج
وحتمية تفاقم المرض والموت، بل أضحى الآن هذا النوع من السرطانات قابلاً
للعلاج للتخلص منه، كي تستطيع السيدة متابعة حياتها السابقة من دون خطر
يحدق بها.
يفسر الدكتور معوض: “عندما يكون سرطان عنق الرحم في مرحلة أولية، يكون
العلاج هو جراحة تتم لإستئصال بيت الرحم وعنق الرحم والغدد اللمفاوية التي
تحيط به، والتي تتكفل بنقل الإفرازات من بيت الرحم إلى الدم لتنقيتها. وإذا
لم يكن السرطان قد إمتد بعد إلى أبعد من الغدد اللمفاوية وبيت الرحم،
فتكون عندها الجراحة كافية”.
يقول البروفيسور قطان من جهته أنه “غالباً ما يكتشف الطبيب النسائي
الحالة قبل تفاقمها إلى المرحلة السرطانية، إذا كانت السيدة تزوره بشكل
منتظم. وعندما يرى أي إشارة لتحول الخلايا إلى سرطانية، يستعين عنده
بالعلاج الموضعي. كما قد يستخدم تقنية الحرق الموضعي للتورم البسيط، أو
يلجأ إلى إستئصال بيت الرحم.
أما إذ بلغ المرض الحالة السرطانية ، فيمكن أن يضاف إلى العلاج الجراحي
علاج بالأشعة. وفي الحالات النادرة التي يكون فيها حجم التورم أكبر من
العادة، قد يستعان حينها بالعلاج الكيميائي وهذا أمر نادر للغاية”.
يضيف البروفيسور قطان “على العموم، يهتم الإختصاصي بالأمراض النسائية
بهذ النوع من الأمراض، ويكون قادراً على السيطرة عليه. فالحالات التي تصنف
“سرطانية” بحتة وتستدعي العلاج على أيدي اختصاصيي الأمراض السرطانية
والأورام هي قليلة جداً، بفضل تطور الطب والفحوص التي تسمح بالكشف المبكر”.
تنسيق طبيتطور الطب وتفرع إلى إختصاصات عديدة من شأنها أن تصب في خدمة الإنسان
وتداوي أمراضه وتعالج مشاكله مهما تنوعت. لم يعد الأمر يقتصر فقط على طبيب
العائلة الذي كان يتولى زمام الأمور من ألفها إلى يائها، بل بات الإختصاص
سيد الموقف، إذ يتولى الطبيب المخول علاج المشكلة من جذورها. لكن هذا لا
يمنع التعاون الوثيق ما بين كافة الإختصاصات للقضاء على الداء بشكل نهائي.
فالتنسيق قائم على الدوام مثلاً ما بين إختصاصي الأمراض النسائية وإختصاصي
الأمراض السرطانية والتورم في مسألة سرطان عنق الرحم، للتأكد من متابعة
العلاج المناسب والتأكد أيضاً من انه لن يعاود السيدة بعد فترة من الزمن.
يبد الأمر بفحص سريري روتيني بسيط، يكشف ما لم تكن السيدة تدركه، لتتوزع
المهمات بعدها حسب الحالة.
الوقاية المبكرة من سرطان عنق الرحمزيارة الطبيب لا تكون فقط للعلاج، بل إن أهمية الفحص الروتيني بشكل
منتظم تكمن في الكشف المبكر عن إحتمال الإصابة بأي مرض قد يتفاقم مع الوقت
ليغدو أخطر. على السيدة أن تواظب مداورة على زيارة طبيب الأمراض النسائية،
أقله مرة في السنة، كي تخضع للفحص السريري العادي، إضافة إلى مسحة عنق
الرحم Pap smear (فحص القزازة)
يفسر الدكتور معوض “يجب أن تبدأ السيدة إستشارة الطبيب سنوياً بعد
الزواج، ليتابع وضعها ويهتم بصحتها. يشكل فحص مسحة عنق الرحم السبيل الأبرز
لكشف أي خطب في بيت الرحم وعنق الرحم، إذ يكشف في 80 % من الحالات إمكان
الإصابة بالمرض، جراء الإلتهابات أو رؤية تحولات في الخلايا. إلا أن لهذا
الفحص حدوداً للكشف. فلزيادة نسبة الإطمئنان، يمكن الإستعانة بمنظار لعنق
الرحم لأخذ خزعات من منطقة مشكوك بأمرها ليتم التأكد بنسبة تفوق ال 39 % “.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الفحص غير مكلف. يرى البروفيسور قطان أن “هذا
الفحص الروتيني السنوي يصنف في خانة الوقاية، لأن الكشف المبكر، لا بل
التشخيص ما قبل المبكر، يمكن من كشف الحالة قبل أن تتفاقم إلى سرطان،
فتنخفض نسبة الإصابة بهذا النوع من السرطانات كثيراً”.
لا بد من التنويه من أن حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم تضاءلت كثيراً
في السنوات الأخيرة، بعدما كانت تحتل المراكز الأولى، إضافة إلى سرطان
الثدي. هذا لأن التوعية المستمرة والكشف المبكر قد ساهما في معالجة المشكلة
قبل تفاقمها وإمتدادها في الجسم وتفشيها في كامل الأعضاء.
نصائح مهمةمن المعتقدات الخاطئة أنه متى تم إستئصال بيت الرحم، لا ضرورة للمتابعة
بعدها أو إجراء الفحص الروتيني السنوي. وهذ الموضوع عارٍ عن الصحة وقد يشكل
خطراً غير منظور. يشدد الدكتور معوض “إذا ما خضعت السيدة لإستئصال بيت
الرحم دون العنق، فعليها بالخضوع لفحص مسحة عنق الرحم كل ستة أشهر. ذلك أنه
يمكن الطبيب من فحص الإفرازات من عنق الرحم، إضافة إلى إفرازات الرحم
والمهبل أيضاً. لذا لا بد من المتابعة.
كما أن الوقاية من التدخين أمر في غاية الأهمية.
من جهته، يركز البروفيسور قطان على “وجوب إتباع توجيهات المنظمة
العالمية للصحة التي تطالب بالوقاية وترى أنه على كل إمرأة، مهما كان
عمرها، وكانت ناشطة جنسياً، أن تخضع لفحص مسحة عنق الرحم مرة كل سنة أو
أقل، حسب رأي الطبيب”. وهذه قائمة منذ أكثر من أربعين سنة، لذا لا بد من
التقيد بها، لأنها تعمل على حماية المرأة من كافة الأمراض التي قد تصيبها.
فالمرأة عرضة لإنتكاسات قد تحيل حياتها عذاباً وألم نتيجة إهمالها لصحته
وتغاضيها عن الإهتمام بسلامتها.