الخطة:
المقدمة
المبحث الأول: تعريف النمو الإقتصادي
المبحث الثاني: النظريات المفسرة للنمو الإقتصادي
المبحث الثالث: محددات النمو اٌتصادي
المبحث الرابع: العلاقة بين التجارة و تحريرها و النمو الإقتصادي
المبحث الخامس: العلاقة بين العولمة،التجارة،التنافسية،الثروة و النمو الإقتصادي
المبحث السادس: الوجه الآخر لتأثير تحرير التجارة على النمو الإقتصادي
المبحث السابع: الإجراءات اللازمة من الوضع الإقتصادي الدولي
الخاتمة
المراجع:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]usinfo.state.gov
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]siteresources.worldbank.org
web.worldbank.org
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]المـــقدمــة:
تعتبر نهاية القرن العشرين منعطفا تاريخيا تميز باستكمال حلقات النظام الاقتصادي العالمي مع قيام منظمة التجارة العالمية بعد جولات عديدة امتدت من عام 1947 إلى عام 1994 عقدت خلالها ثماني جولات في إطار الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية (GATT)، كان آخرها جولة الأورغواي التي دامت ثماني سنوات من عام 1986 حتى عام 1994 وأثمرت ميلاد منظمة التجارة العالمية.
وفي إطار هذه المنظمة والمفاوضات التي سبقتها، توسعت العلاقات التجارية الدولية وتشابكت منظومة الاقتصاد العالمي نتيجة لإزالة الحواجز الجمركية والجغرافية أمام حركة السلع والخدمات بين الدول وزيادة تدفق رؤوس الأموال وتبني غالبية الدول النامية لبرامج الإصلاح والتكييف الهيكلي والاعتماد على قوى السوق وتراجع دور الدولة في النشاط الاقتصادي، مما دفع بالاقتصاد العالمي نحو العولمة والاندماج.
وقد اختلفت وجهات نظر المفكرين حول ظاهرة عولمة الاقتصاد، فمنهم من اعتبرها من أكبر المؤامرات التي تحاك ضد الدول النامية لاستغلال مواردها لصالح الدول المتقدمة، ومنهم من اعتبرها فرصة متاحة للدول النامية لعلاج المشاكل والصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها من خلال نقل التكنولوجيا والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وسنحاول من خلال هذا الفصل التعرف على ماهية النمو الإقتصادي، النظريات المفسرة للنمو الإقتصادي ،مَن المستفيد من تحرير التجارة الخارجية؟ وهل فعلا أنه أداة للنمو الإقتصادي ؟وهل نظام الشراكة والاندماج بين دول الشمال والجنوب له ما يبرره؟
المبحث الأول: تعريف النمو الإقتصادي:
يعبّر النمو الاقتصادي عن الزيادة في المقدرة الاقتصادية لبلد من البلدان خلال فترة زمنية محددة بالمقارنة بالفترة السابقة ويفهم النمو على إنه الزيادة الحاصلة في الناتج الوطني الحقيقي، أي أنه يعبّر عن المقدرة الاقتصادية بالناتج الوطني. ويعرف الناتج على أنه قيمة إجمالي السلع (بضائع وخدمات) المنتجة في الاقتصاد خلال فترة زمنية محددة مطروحاً منها قيمة السلع التي استهلكت كمستلزمات في العملية الإنتاجية.
وفق هذا الفهم للنمو وللناتج لا تؤخذ بالاعتبار عناصر البيئة وحجم الخسائر في الموارد البيئية وحجم التكاليف الاجتماعية لهذا النمو. إن النمو الحاصل هو نمو على حساب البيئة فهو لا يأخذ في حساباته الاقتصادية تلويث وتدمير البيئة واستنزاف الموارد المرتبط بالإنتاج والاستهلاك. وعلى الرغم من أن أغلب دول العالم قد حققت اقتصادياتها معدلات نمو مرتفعة للناتج المحلي الإجمالي - وهذا يعتبر نمواً حسب الفكر الاقتصادي التقليدي - إلا أن ذلك لم يترتب عليه تحسن في مستوى الرفاه الحقيقي للسكان على المدى الطويل.
إن النمو الحاصل في الناتج المحلي الإجمالي - بطريقة حسابه الحالية - كمقياس للنمو الاقتصادي لا يمكن أن يكون مؤشراً كافياً للنمو والتنمية الاقتصادية، فالعائدات من الخامات الطبيعية التي تحسب على أنها دخل أو قيمة مضافة جديدة ما هي في الحقيقة إلا ريع ناجم عن بيع واستنزاف أصول رأسمالية وموجودات نادرة ولا تشكل قيمة مضافة ناجمة عن عمل إنتاجي، وهدر هذه الموارد يشكل عامل تدهور للبيئة، وما لم يتم القيام باستثمارات تعويضية تعيد إنتاج الموارد الطبيعية وتحافظ على التوازنات البيئية فإن النمو والتنمية لا يمكن أن يحافظا على استمراريتهما.
ويتضح التأثير المباشر للتلوث والأضرار البيئية على النمو الاقتصادي من خلال:
• تدهور الوضع الصحي للقوى العاملة، وبالتالي ارتفاع سعر عنصر العمل وبخاصة في مناطق التجمعات السكانية الكبيرة.
• زيادة عناصر الإنتاج وذلك نظراً للحاجة لتنقية المياه وتصفية الهواء وحماية المباني والآلات والتجهيزات وإنفاق المزيد من الأموال من أجل الوقاية من التلوث بأنواعه.
المبحث الثاني: النظريات المفسرة للنمو الإقتصادي:
يوجد الكثير من النظريات التي تفسر التنمية الاقتصادية و من هذه النظريات :
نظرية آدم سميث:
يأتي آدم سميث في طليعة الاقتصاديين الكلاسيكيين و كان كتابة عن طبيعة و أسباب ثروة الأمم معنيا بمشكلة التنمية الأقتصادية لذلك فإنة لم يقدم نظرية متكاملة في النمو الاقتصادي و إن كان الاقتصاديون اللاحقون قد شكلوا النظرية الموروثة عنه و التي من سماتها:
1- القانون الطبيعي اعتقد أدم سميث امكانية تطبيق القانون الطبيعي في الأمور الاقتصادية و من ثم فإنه يعتبر كل فرد مسئولا عن سلوكه أي أنه أفضل من يحكم علي مصالحة و أن هناك يد خفية تقود كل فرد و ترشد ألية السوق، فان كل فرد إذا ما ترك حرا فسيبحث عن تعظيم ثروته، و هكذا كان ادم سميث ضد تدخل الحكومات في الصناعة أو التجارة.
2- تقسيم العمل يعد تقسيم العمل نقطة البداية في نظرية النمو الأقتصادي لدي أدم سميث حيث تؤدي إلي أعظم النتائج في القوي المنتجة للعمل
3- عملية تراكم رأس المال يعتبر سميث التراكم الرأسمالي شرطا ضروريا للتنمية الاقتصادية و يجب أن يسبق تقسيم العمل، فالمشكلة هي مقدرة الأفراد علي الادخار أكثر و من ثم الاستثمار أكثر في الاقتصاد الوطني.
4- دوافع الرأسماليين علي الاستثمار،وفقا لأفكار سميث فإن تنفبذ الاستثمارات يرجع إلي توقع الرأسماليين بتحقيق الأرباح و أن التوقعات المستقبلية فيما يتعلق بالأرباح تعتمد علي مناخ الاستثمار السائد إضافة إلي الأرباح الفعلية المحققة.
5- عناصر النمو وفقا لأدم سميث تتمثل عناصر النمو في كل من المنتجين و المزارعين و رجال الأعمال و يساعد علي ذلك أن حرية التجارة و العمل و المنافسة تقود هؤلاء إلي توسيع أعمالهم مما يؤدي إلي زيادة التنمية الاقتصادية.
6- عملية النمو يفترض أدم سميث ان الاقتصاد ينمو مثل الشجرة فعملية التنمية تتقدم بشكل ثابت و مستمر فبالرغم من أن كل مجموعة من الأفراد تعمل معا في مجال انتاجي معين إلا أنهم يشكلون معا الشجرة ككل.
نظرية ميل:
ينظر ستيوارت ميل للتنمية الاقتصادية كوظيفة للأرض و العمل و رأس المال حيث يمثل العمل و الأرض عنصرين أصيلين للانتاج في حين يعد رأس المال تراكمات سابقة لناتج عمل سابق، و يتوقف معدل التراكم الرأس مالي علي مدي توظيف قوة العمل بشكل منتج فالارباح التي تكتسب من خلال توظيف العمالة غير المنتجة مجرد تحويل للدخل و من سمات هذة النظرية:
1.التحكم في النمو السكاني اعتقد ميل بصحة نظرية مالتوس في السكان و قصد بالسكان الذين يؤدون أعمالا انتاجية فحسب و اعتقد أن التحكم في السكان يعد أمرا ضروريا للتنمية الاقتصادية
2- معدل التراكم الرأسمالي يري ميل أن الارباح تعتمد علي تكلفة عنصر العمل و من ثم فإن معدل الأرباح يمثل النسبة ما بين الأرباح و الأجور فعندما ترتفع الأرباح تنخفض الأجور و يزيد معدل الارباح و التي تؤدي بدورها إلي زيادة التكوين الرأسمالي و بالمثل فأن الرغبة في الادخار هي التي تؤدي إلي زيادة معدل التكوين الرأسمالي.
3- معدل الربح يري ميل أن الميل غير المحدود في الاقتصاد يتمثل في أن معدل الأباح يتراجع نتيجة لقانون تناقص غلة الحجم في الزراعة و زيادة عدد السكان وفق معدل مالتوس و في حالة غياب التحسن التكنولوجي في الزراعة و ارتفاع معدل نمو السكان بشكل يفوق التراكم الرأسمالي فإن معدل الربح يصبح عند حده الأدني و تحدث حالة من ركود.
4.حالة السكون اعتقد ميل أن حالة السكون متوقعة الحدوث في الأجل القريب و يتوقع أنها ستقود إلي تحسين نمط توزيع الدخل و تحسين أحوال العمال و لكن ذلك يمكن أن يكون ممكنا من خلال التحكم في معدل الزيادة في عدد طبقة العمال بالتعليم و تغيير العادات
5- دور الدولة كان ميل من أنصار سياسة الحرية الأقتصادية التي يجب أن تكون القاعدة العامة، لذلك فقد حدد دور الدولة في النشاط الاقتصادي عند حدة الأدني و في حالات الضرورة فقط مثل اعادة توزيع ملكية وسائل الانتاج.
النظرية الكلاسيكية:
العناصر الرئيسية لهذه النظرية هي:
1- سياسة الحرية الاقتصادية يؤمن الأقتصاديون الكلاسيكيين بضرورة الحرية الفردية و أهمية أن تكون الأسواق حرة من سيادة المنافسة الكاملة و البعد عن أي تدخل حكومي في الاقتصاد.
2- التكوين الرأسمالي هو مفتاح التقدم بتظر جميع الكلاسيكيين فالتكوين الرأسمالي هو مفتاح التقدم الأقتصادي، و لذلك اكدوا جميعا علي ضرورة تحقيق قدر كاف من المدخرات.
3- الربح هو الحافز علي الإستثمار يمثل الربح الحافز الرئيسي الذي يدفع الرأسماليين علي اتخاذ قرار الاستثمار و كلما زاد معدل الارباح زاد معدل التكوين الرأسمالي و الاستثمار.
4- ميل الارباح للتراجع، معدل الارباح لا يتزايد بصورة مستمرة و إنما يميل للتراجع نظرا لتزايد حدة المنافسة بين الرأسماليين علي التراكم الرأسمالي، و يفسر سميث ذلك بزيادة الأجور التي تحدث بسبب حدة المنافسة بين الرأسماليين.
5- حالة السكون يعتقد الكلاسيكيين حتمية الوصول إلي حالة الاستقرار كنهاية لعملية التراكم الرأسمالي، ذلك لانة ما أن تبدا الأرباح في التراجع حتي تستمر إلي أن يصل معدل الربح إلي الصفر و يتوقف التراكم الرأسمالي، و يستقر حتي السكان و يصل معدل الأجور إلى مستوي الكفاف، ووفقا لأدم سميث فإن الذي يوقف النمو الاقتصادي هو ندرة الموارد الطبيعية التي تقود الاقتصاد إلي حالة من السكون.
نظرية شومبيتر:
تفترض هذه النظرية اقتصاد تسوده حالة من المنافسة الكاملة و في حالة توازن ستاتيكي، و في هذه الحالة لا توجد أرباح، و لا أسعار فائدة و لا مدخرات و لا استثمارات كما لا توجد بطالة أختيارية و يصف شومبيتر هذه الحالة بأسم التدفق النقدي و من خصائص هذه النظرية:
1- الابتكارات وفقا لشومبيتر تتمثل الابتكارات في ادخال أي منتج جديد أو تحسينات مستمرة فيما هي موجود من منتجات و تشمل الابتكارات العديد من العناصر مثل: •ادخال منتج جديد. •طريقة جديدة للإنتاج. •إقامة منظمة جديدة لأي صناعة.
2- دور المبتكرين خصص شومبيتر دور المبتكر للمنظم و ليس لشخصية الرأسمالي، فالمنظم ليس شخصا ذا قدرات إدارية عادية، و لكنة قادر علي تقديم شئ جديد تماما فهو لا يوفر أرصدة نقدية و لكنه يحول مجال استخدامها.
3- دور الأرباح: ووفقاً لشومبيتر فإنه في ظل التوازن التنافسي تكون أسعار المنتجات مساوية تماماً لتكاليف الانتاج من ثم لا توجد أرباح.
4- العملية الدائرية: طالما تم تمويل الاستثمارات من خلال الائتمان المصرفي فإنها تؤدى إلى زيادة الدخول النقدية و الأسعار و تساعد على خلق توسعات تراكمية عبر الاقتصاد ككل. وذلك انه مع زيادة القوة الشرائية للمستهلكين فإن الطلب على المنتجات في الصناعات القديمة سوف يفوق المعروض منها ومن ثم ترتفع الأسعار و تزيد الأرباح. ويمكن القول أن التطبيق الحرفي لهذا الاطار على الدول النامية أمر صعب رغم مابه من جوانب إيجابية وذلك للأسباب التالية: •إختلاف النظام الاقتصادي و الاجتماعي. •النقص في عنصر المنظمين. •تجاهل أثر النمو السكاني على التنمية. •الحاجة إلى التغيرات المؤسسية أكثر من الابتكارات. ونجد من ذلك أن نظرية كينز لتحليل مشاكل الدول النامية حيث انصب الاهتمام أساسا على مشاكل الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة إلا أن بحث امكان تطبيق أو الاستفادة من بعض الأفكار الكينزية بالدول النامية يتطلب تقديم عرض ملخص لهذه الأفكار.
النظرية الكينزية:
لم تتعرض نظرية كينز لتحليل مشاكل الدول النامية و لكنها اهتمت بالدول المتقدمة فقط ويري كينز أن الدخل الكلي يعتبر دالة في مستوي التشغيل في أي دولة فكلما زاد حجم التشغيل زاد حجم الدخل الكلي و الأدوات الكينزية تتمثل في:
1- الطلب الفعال: وفقا لكينز فإن البطالة تحدث بسبب نقص الطلب الفعال و للتخلص منها يقترح كينز حدوث زيادة في الانفاق سواء على الاستهلاك أو الاستثمار.
2- الكفاية الحدية لرأس المال: يرى كينز أن الكفاية الحدية لرأس المال تمثل أحد المحددات الرئيسية لتعديل الإستثمار وتوجد علاقة عكسية بين الاستثمار و الكفاية الحدية لرأس المال.
3- سعر الفائدة:يمثل سعر الفائدة العنصر الثاني المحدد للإستثمار بجانب الكفاية الحدية لرأس المال في النموذج الكينزي. ويتحدد سعر الفائدة بدوره بتفضيل السيولة وعرض النقود.
4- المضاعف: فالمضاغف الكينزي يقوم على أربعة فروض كما يلي: أ-وجود بطالة لا إرادية. ب-اقتصاد صناعى. ج-وجود فائض في الطاقة الانتاجية للسلع الاستهلاكية. د-يتسم العرض بدرجة مرونة مناسبة و توفير سلع رأس المال اللازمة للزيادة في الانتاج.
5- السياسات الاقتصادية: هناك مجالات أخرى لا تتوافق فيها الظروف السائدة بالدول النامية مع متطلبات عمل السياسات الكينزية.
نظرية روستو:
قدم روستو نموذجا تاريخيا لعملية التنمية الأقتصادية و قسمه إلي 5 مراحل و هي :
1- المجتمع التقليدي: يعرف المجتمع التقليدي أو مجتمع التقاليد بأنه المجتمع الذى يحده إطار محدود من الاتناج ولا يستطيع فيه الانتاج إلا القيام بمهام محدودة و يرتكز على علم وتكنولوجيا بدائية بعيدة عن العلم و التكنولوجيا الحديثة.
2- مرحلة ما قبل الانطلاق: تمثل المرحلة الثانية حقبة تقليدية تبدأ منها الشروط اللازمة لبدء النمو المستمر لقد نشأت هذه الظروف في بريطانيا و أوروبا الغربية ببطأ منذ نهاية القرن الخامس عشر حتى بدايات القرن السادس عشر أى خلال فترة إنتهاء العصور الوسطى وظهور الحقبة الحديثة. يمكن القول أن الشروط اللازمة للتصنيع المستمر وفقا لأفكار روستو تتطلب تغيرات جذرية في القطاعات الأخرى و هي: 1)إحداث ثورة تكنولوجية في الزراعة لرفع الانتاجية في مواجهة الزيادة في عدد السكان. 2)توسيع نطاق الواردات بما فيها الواردات الرأسمالية التي يتم تمويلها من خلال الإنتاج الكفؤ و التسويق الجيد للموارد الطبيعية بغرض التصدير.
3.مرحلة الأنطلاق : تعتبر هذه المرحلة هي المنبع العظيم للتقدم في المجتمع عندها يصبح النمو حالة عادية وتنتصر قوى التقدم والتحديث على المعوقات المؤسسية والعادات الرجعية ، وتتراجع قيم واهتمامات المجتمع التقليدي أمام التطلع إلى الحداثة . الشروط اللازمة لمرحلة الأنطلاق : 1ـ ارتفاع الأستثمار الصافي من نحو 5%الى مالايقل عن 10%من الدخل القومي . 2ـ تطوير بعض القطاعات الرائدة ،بمعنى ضرورة تطوير قطاع أو أكثر من القطاعات الصناعية الرئيسية بمعدل نمو مرتفع كشرط ضروري لمرحلة الأنطلاق .وينظر روستو لهذا الشرط بأعتبارة العمود الفقري في عملية النمو.3- الأطار الثقافي واستغلال التوسع ،بمعنى وجود قوة دفع سياسية واجتماعية ومؤسسية قادرة على استغلال قوى التوسع في القطاعات الحديثة . اجمالافأن مرحلة الأنطلاق تبدأ بظهور قوة دافعة قبل تطور قطاع قائد.
4- مرحلة الأتجاة نحو النضج : عرفها روستو بأنها الفترة التي يستطيع فيها المجتمع أن يطبق على نطاق واسع التكنولوجيا الحديثة . يرتبط بلوغ الدول مرحلة النضج التكنولوجي بحدوث تغيرات ثلاث أساسية: أ. تغير سمات وخصائص قوة العمل حيث ترتفع المهارات ويميل السكان للعيش في المدن . ب. تغير صفات طبقة المنظمين حيث يتراجع أرباب العمل ليحل محلهم المديرين الأكفاء ج. يرغب المجتمع في تجاوز معجزات التصنيع متطلعا إلى شئ جديد يقود إلى مزيد من التغيرات .
5- مرحلة الأستهلاك الكبير: تتصف هذة المرحلة باتجاة السكان نحو التركيز في المدن وضواحيها وانتشار المركبات واستخدام السلع المعمرة على نطاق واسع .في هذة المرحلة يتحول اهتمام المجتمع من جانب العرض إلى جانب الطلب .
نظرية لبنشتين:
يؤكد لبنشتين على أن الدول النامية تعاني من حلقة مفرغة للفقر بحيث تجعلها تعيش عند مستوى دخل منخفض . 1. عناصر النمو : تعتمد فكرة الحد الأدنى من الجهد الحساس على وجود عدة عناصر موائمة ومساعدة على تفوق عوامل رفع الدخل عن العوامل المعوقة . 2. الحوافز، و يوجد نوعين من الحوافز أ-الحوافز الصفرية وهي التي لاترفع من الدخل القومي وينصب أثرها على الجانب التوزيعي . ب-حوافزايجابية وهي التي تودي إلى زيادة الدخل القومي ،ومن الواضح أن الأخيرة وحدها تقود للتنمية.
نظرية نيلسون:
يشخص نيلسون يمكن وضع الأقتصاديات المتخلفة كحالة من التوازن الساكن عند مستوى الدخل عند حد الكفاف عند هذا المستوى من التوازن الساكن للدخل الفردي يكون معدل الأدخار وبالتالي معدل الأستثمار الصافي عند مستوى منخفض. يؤكد نيلسون أن هناك أربعة شروط اجتماعية وتكنولوجية تفضى إلى هذا الفخ وهي:
1- الأرتباط القوي بين مستوى الدخل الفردي ومعدل نمو السكان .
2- انخفاض العلاقة بين الزيادة في الأستثمار والزيادة في الدخل .
3- ندرة الأراضي القابلة للزاعة .
4- عدم كفاية طرق الأنتاج .
نظرية الدفعة القوية:
تتمثل فكرة النظرية في أن هناك حاجة إلى دفعة قوية أو برنامج كبير ومكثف في شكل حد أدنى من الأستثمارات بغرض التغلب على عقبات التنمية ووضع الأقتصاد على مسار النمو الذاتي . يفرق روزنشتين رودان بين ثلاثة انواع من عدم القابلية للتجزئة والوفورات الخارجية . الأول عدم قابلية دالة الأنتاج للتجزئة ، و الثاني عدم قابلية دالة الطلب للتجزئة، و أخيرا عدم قابلية عرض الأدخار للتجزئة و يعتبر رودان أن نظريته في التنمية أشمل من النظرية الأستاتيك التقليدية لأنها تتعارض مع الشعارات الحديثة، وهي تبحث في الواقع عن المسار باتجاة التوازن أكثر من الشروط اللآزمة عند نقطة التوازن. .
نظرية النمو المتوازن:
النمو المتوازن يتطلب التوازن بين مختلف صناعات سلع الأستهلاك ،وبين صناعات السلع الرأسمالية والاستهلاكية . كذلك تتضمن التوازن بين الصناعة والزراعة . و نظرية النمو المتوازن قد تمت معالجتها من قبل روزنشتين و رانجر و أرثر لويس و قدمت هذه النظرية أسلوبا جديدا للتنمية طبقتها روسيا و ساعدتها علي الاسراع بمعدل النمو في فترة قصيرة، وقد يكون لهذه النظرية اثار هامة.
نظرية النموغير المتوازن:
تأخذ نظرية النمو غير المتوازن اتجاها مغايرا لفكرة النمو المتوازن حيث أن الأستثمارات في هذة الحالة تخصص لقطاعات معينة بدلا من توزيعها بالتزامن على جميع قطاعات الأقتصاد الوطني. وفقا لهيرشمان فان اقامة مشروعات جديدة يعتمد على ما حققته مشروعات أخرى من وفورات خارجية ،الا أنها تخلق بدورها وفورات خارجية جديدة يمكن أن تستفيد منها وتقوم عليها مشروعات أخرى تالية يجب ان تستهدف السياسات الانمائية ما يلي : 1ـ تشجيع الاستثمارات التي تخلق المزيد من الوفورات الخارجية . 2ـ الحد من المشروعات التي تستخدم الوفورات الخارجية أكثر مما تخلق منها .
النمو المتوازن عكس النمو غير المتوازن تستند هذه النظرية علي حقيقة أن حلقة الفقر المفرغة ترتبط بصغر حجم السوق المحلي، تواجه هذه الاستراتيجية بنقد أساسي يتضمن عدم توفر المواد اللأزمة لتنفيذ هذا القدر من الاستثمارات المتزامنة في الصناعات المتكاملة خاصة من حيث الموارد البشرية والتمويل والمواد الخام . أما المؤيديون لهذه الاستراتيجية فإنهم يفضلون الاستثمارات في قطاعات أو صناعات مختارة بشكل أكثر من تأييدهم للاستثمارات المتزامنة
نظرية ميردال يرى ميردال أن التنمية الاقتصادية تعتبر نتيجة لعملية سببية دائرية حيث يكافأ الأغنياء أكثر في حين أن جهود المتخلفين تتحطم بل ويتم احباطها . و بنى ميردال نظريته في التخلف والتنمية حول فكرة عدم العدالة الأقليمية في الأطار الدولي والقومي واستخدم في شرح فكرته تعبيرين أساسيين هما آثار الآنتشار و آثار العادم وقد عرف أثار العادم بانه كل التغيرات المضادة ذات العلاقة للتوسع الاقتصادي في موقع ما وتتسبب خارج اطار هذا الموقع . أما آثار الانتشار فتشير إلى الآثار المركزية لأي مبادرات توسعية ناتجة عن مراكز التقدم الاقتصادي إلى الاقاليم الأخري.
المبحث الثالث: محددات النمو الإقتصادي:
ان اهل الأقتصاد يقيسون رفاه الأنسان بدخله الحقيقي فكلما زاد دخل الفرد كلما اصبح قادرا على الحصول على كمية اكبر من السلع والخدمات اي ان مستوى معيشته اصبح احسن والعكس صحيح ولكن يضيف كذلك ان ازدهار المجتمعات لايتحقق بحجم دخلها وحده حيث ان هناك امورا اخرى تعتبر مهمه كذلك ومن بينها الحرية السياسية والعدالة في توزيع الثروة وتوفر التعليم والصحة وغيرها . ولكن نظرا لصعوبة قياس هذه الأبعاد الأخرى للرفاه بصورة كمية دقيقة فقد اكتفى الأقتصاديون بأعتبار مستوى الدخل وزيادته او نقصانه كأهم مؤشر على معرفة المستوى المعيشي لأي دولة ومقارنة هذا المستوى بمداخيل بقية الدول .ونعرف من خلاله اداء الدول الأقتصادي.
الأسباب الكامنة وراء هذا النمو غير المتكافيء:
التراكم الرأسمالي :
الدورالهام الذي يلعبه رأس المال في ازدهار الأقتصاد ونموه وراس المال نوعان . الأول راس المال المادي الذي يتكون من مخزون المجتمع من الآلات والمعدات والطرق والمطارات والموانيء وغيرها من البنى المادية الأساسية التي توفر البيئة اللازمة لقيام المشروعات الأقتصادية وزيادة الطاقة الأنتاجية للمجتمع ، والنوع الثاني هو رأس المال البشري والذي يتمثل في حجم القوى العاملة المتعلمة والمتدربة التي يمتلكها المجتمع. فالتراكم الراسمالي اي زيادة المخزون المادي والبشري لدى اي مجتمع تكون بدايته اقتطاع هذا المجتمع جزء من دخله في مرحلة ما وادخاره اي عدم استهلاكه ومن ثم تحويل هذه المدخرات الى وجوه استثمارية منها تعليم الأنسان وتحويله الى عامل منتج ومنها صناعة الأدوات والمعدات التي تساعده على زيادة انتاجه . وكلما زاد معدل النمو السكاني كلما اصبحت هناك حاجة اكبر لزيادة المخرات لتوفير التعليم وادوات الأنتالج لهؤلاء الأفراد الجدد . كذلك فان المدخرات تعتبر ضروروية لتجديد وصيانة رأس المال الحالي . فكثير من مشروعات البنية الأساسية كالمدارس والمستشفيات والمطارات والموانيء والمصافيء تحتاج الى نفقات صيانة مستمرة والا فان قدرتها الأنتاجية ( عدد الطلبة والمرضى والمسافرين والسفن وغيرها من المخرجات) تبدأ في التراجع مما يعني ان حجم ما ينتجه المجتمع اي ناتجة المحلي يبدا في الأنكماش وهذا يعني ان نمو المجتمع يصبح سالبا . اذن لتحريك عجلة النمو الأقتصادي يحتاج اي مجتمع لأن يدخر جزء من دخله السنوي ويحوله الى استثمارات في زيادة راسماله البشري والمادي وهذا يؤدي بدوره الى توسيع الطاقة الأنتاجية لهذا المجتمع اي انه يصبح قادرا على انتاج كمية اكبر من السلع والخدمات في السنة الواحدة (الناتج المحلي الأجمالي ) وهذه الزيادة في الناتج المحلي الأجمالي هو ما يسمى بالنمو الأقتصادي . ولاشك ان معدل النمو الأقتصادي الناتج عن التراكم الرأسمالي االذي تحدثنا عنه يعتمد بالدرجة الأولى على كفاءة الأستثمارات التي وجهت اليها المدخرات وهذا ينقلنا الى محدد آخر من محددات النمو الأقتصادي وهو ما يعرف بالأنتاجية .
الأنتاجية:
ذكرنا سابقا ان النمو الأقتصادي يعتمد على كمية العمل وراس المال ذلك بالأضافة الى كفاءة وانتاجية هذين العنصربن وغيرهما من عناصر الأنتاج اي ان النمو الأقتصادي لايعتمد فقط على حجم عناصر الأنتاج وانما على انتاجيتها التي تتحدد بدورها بمستوى التقنية المتوفرة في الأقتصاد . فانتاجية العامل الذي تخرج من الثانوية العامة أكبر من انتاجية خريج المرحلة الأبتدائية وانتاجية الموظف الذي لديه خبرة طويلة وتدريب مستمر في مجال عمله ليست كأنتاجية الموظف الذي لم يتدرب وخبرته قليلة في ميدان عمله . وكذلك الحال في راس المال حيث ان الألة الحاسبة المنتجة في الخمسينيات هي اقل انتاجية من الكمبيوترالمنتج عام 2006 وهكذا دواليك كلما كانت نوعية عنصر الأنتاج أفضل كلما كانت انتاجيته اكبر كذلك . لذلك فاننا عندما نتحدث عن راس المال البشري فاننا نعني قوة العمل التي تجمع بين التعليم والتدريب والخبرة . اضافة الى ذلك فان طبيعة تنظيم بيئة العمل وتقليل التشوهات الأقتصادية كالضرائب والقيود بأشكالها كلها عوامل تساعد على رفع انتاجية العمل وراس المال اي زيادة الكمية المنتجة من وحدة العمل او وحدة رأس المال .
وتشير الدراسات التطبيقة في كثير من الدول الصناعية والنامية على أن التفاوت في انتاجية عناصر الأنتاج هو اكثر اهمية في النمو الأقتصادي من زيادة حجم الموارد البشرية والمادية كما وان التفاوت في هذه الأنتاجية هو اهم اسباب الفجوة في دخل الفرد وفي معدلات نموه بين الدول الصناعية والدول النامية وهذا في رأي المؤلف يحتم علينا طرح سؤالا آخر ألا وهو : ما هي الأسباب وراء تفاوت الأنتاجية الكلية لعناصر الأنتاج بين الدول الصناعية والدول النامية ؟ الأجابة تكمن في الأبتكارأو الأبداع الذي هو موضوع حديثنا في الفقرات التالية.
الأختراعات:
ان مستوى معيشة الدول الصناعية افضل من مستوى معيشة الدول الفقيرة لأن الدول الصناعية لديها كمية اكبر من رأس المال الطبيعي ولديها كمية اكبر من العمالة المتعلمة والمدربة كما وان انتاجية اقتصادياتها اكبر من انتاجية الأقتصاديات الفقيرة . بل ان الدراسات المتوفرة تشير الى ان اكثر من 50 % من التفاوت في مستوى الدخل بين الدول الصناعية والدول النامية يعود الى الفرق في الأنتاجية كما وان هذا التفاوت في الأنتاجية يفسر كذلك 50% من التفوات في معدلات النمو الأقتصادي بين المجموعتين من الدول . هذه الأهمية للأنتاجية دفعت بكثير من الباحثين لمحاولة فهم العوامل التي ترفع الأنتاجية في اي اقتصاد .
المؤلف ان من اهم العوامل التي ترفع انتاجية اي اقتصاد هو التقدم التقني . والتقدم التقني قد يكون تراكمي اي تدريجي وقد يكون على شكل جرعات كبيرة وقد يكون على مستوى المؤسسة او مستوى المجتمع بأكمله ومهما كانت صيغة التقدم التقني الا انه يعتمد على توفر شروط لنجاحه منها مستوى العاملين في مراكز الأبحاث والبيئة القانونية في الدولة والحوافز المتوفرة للباحثين سواء في القطاع الخاص او العام ودرجة حماية الملكية الفكرية وحجم الأقتصاد وغيرها من العوامل. والأستثمار في الأبحاث والتطوير يساعد على زيادة النمو الأقتصادي بطريقتين اولاهما تنويع المنتجات وثانيهما زيادة حجم مخزون المعرفة في المجتمع.
الأنفتاح الأقتصادي:
ان نمو وازدهار الدول يعتمد كذلك على طبيعة التفاعل الذي يتم بين بعضها البعض لكن أثر هذا التفاعل لايعني بالضرورة حتمية المكاسب بل ان حصيلة تفاعل كل دولة مع العالم الخارجي تعتمد على استعداد هذه الدولة للأستفادة من الفرص المتاحة من الأندماج في الأقتصاد العالمي. وهناك مجموعة من القنوات التي يمكن أن يؤثر بها اندماج دولة ما في الأقتصاد الدولي على نموها الأقتصادي . فاذا كانت الدولة تنتج سلعة أو خدمة بكفاءة اكبر من غيرها فان هذا يعني ان انفتاحها على العالم يوفر لها سوقا اوسع لمنتجاتها مما يعني زيادة نموها الأقتصادي وفي نفس الوقت تتمكن هذه الدولة من شراء كثير من حاجاتها من السلع والخدمات التي تنتج في الخارج بكفاءة اكبر وهذا يعني قدرتها على الحصول على حاجاتها من السلع الراسمالية والأستهلاكية بكلفة أقل مما يعطيها قدرة على انتاج ما تصدره للعالم الخارجي بأسعار اكثر تنافسية وهذا بدور يرفع من وتيرة انتاجها ونموها الأقتصادي . الأنفتاح كذلك يعني زيادة حدة المنافسة التي تدفع الدول الى رفع كفاءة استغلالها لمواردها والا خسارة السوق لأن غيرها سيغزوها وتحل منتجاته محل المنتجات المحلية وبالتالي فان اثر المنافسة قد يكون سالبا او موجبا على النمو الأقتصادي لهذه الدولة لأن ذلك سيعتمد على مدى قدرتها على المنافسة. واخيرا تستطيع الدول بأنفتاحها على العالم ان تستفيد من المعرفه التي تراكمت لدى الآحرين سواء تلك الموجودة في مراكز الأبحاث أو المجسدة في سلع حديثة او وسائل ادارة متقدمة او دروس وعبر تجارب في ميادين محددة او غيرها من المكاسب المتعلقة بالمعرفة وتطبيقاتها مما يوفر على هذه الدولة كثير من الوقت والموارد التي يتطلبها القيام بهذه الأبحاث وفي المجالات المختلفة.
مستوى توزيع الدخل:
اما في ما يتعلق بأثر سوء توزيع الدخل على النمو الأقتصادي فان الدراسات النظرية والتطبيقية كما يؤكد المؤلف ليست قاطعة بل انها تعتمد على خصوصيات الدول . فسوء توزيع الدخل قد يساعد على زيادة النمو الأقتصادي في دولة تتصف فيها الفئات الغنية بالميل الى ادخار جزء كبير من دخلها مقارنة بالفقراء واستثماره في مشروعات منتجة تؤدي الى زيادة معدلات النمو الأقتصادي التي يستفيد منها في النهاية الفقراء نفسهم . الا اننا نود ان نؤكد هنا الى ان واقع الدول النامية اليوم لايتفق مع هذا الأفتراض حيث ان الفئات الغنية تميل الى الأستهلاك المظهري لسلع وخدمات غالبها مستورد وبالتالي فهي تساعد على نمو اقتصادات الدول الأخرى لأن مدخراتهم تتسرب الى الخارج بدل ان تحرك الأقتصاد المحلي ، بينما استهلاك الشرائح الفقيرة يتركز على السلع والخدمات الأساسية التي ينتج اغلبها محليا اي ان استهلاك الفقراء يزيد الطلب على السلع المحلية وبالتالي فانه يساعد على زيادة النمو الأقتصادي. اما الطريقة الثانية التي يؤثر بها تفاوت الدخل على النمو الأقتصادي فهي ان المجتمع الذي يكون فيه توزيع الدخل يعاني من اختلال كبير تكون فيه شريحة الفقراء كبيرة لاتستطيع ان تقوم بمشاريع استثمارية نظرا لعدم قدرتها على الأقتراض الذي يتطلب ضمانات لايملكها هؤلاء الفقراء وبالتالي فان معدل الأستثمار في هكذا اقتصاد يكون منخفضا مما يؤدي بدوره الى تراجع معدلات النمو الأقتصادي.
ان زيادة التفاوت في مستوى الدخل سواء داخل كل دولة او بين الدول في الحقب الأخيرة يعزى لأسباب كثيرة منها التقدم التقني وتركيزه على المنتجات ذات المهارات العالية مما يعني ارتفاع اجور العمالة الماهرة مقارنة بالعاملة منخفضة المهارات وتخصص الدول النامية في انتاج السلع والخدمات التي تتطلب مهارات منخفضة واسباب اخرى كلها تفاقم من فجوة الدخل محليا وعالميا. ولكن على الرغم من زيادة فجوة الدخل عالميا الا ان مستوى الفقر المطلق قد تراجع في العشرين سنة الأخيرة نظرا لما حققته كل من الصين والهند من نمو اقتصادي غير مسبوق مما ادى الى انخفاض عدد الفقراء في الصين من مابين 360-530 مليون عام 1980 الى مابين 158-192 مليون عام 1992 ، وفي الهند من مابين 326-426 مليون عام 1980 الى 110-166 مليون عام 1992 حتى مع استمرار الزيادة في نموهما السكاني .
المؤسسات والسياسات:
لقد ذكرنا سابقا كيف ان النمو الأقتصادي له عدة محددات من اهمها راس المال المادي والعماله بمهاراتها المختلفة المتراكمة من التعليم والتدريب ذلك بالأضافة الى العامل الأهم الآ وهو انتاجية عناصر الأنتاج . والآن نتحدث عن دور مؤسسات الأبحاث والتطوير والأستثمار في تراكم المعرفه واثر ذلك على الأنتاجية ومن ثم النمو الأقتصادي . وعلى الرغم من ان هذه العوامل تفسر جزءا كبيرا من التفاوت في حجم ومعدلات النموالأقتصادي لدخل الفرد في الدول الحديثة الا انه يعتقد ان هناك محدد آخر جدير بالتنويه في عملية النمو وهذا العامل يتعلق بدور المؤسسات والسياسات المتبعة في تحفيز النمو او اعاقته. ان الدول الصناعية لم تكن لتحقق ما حققته من تطور في اقتصادها لو لم تتوفر لديها مؤسسات تشجع الأبداع وبناء المعرفة التي تستخدم في التنمية بكل صورها. فتراكم راس المال وتراكم المعرفة والأنفاق على مراكز الأبحاث وبناء المؤسسات الخاصة وتطوير الأراضي وقيام المصانع كلها تتطلب حماية متمثلة في اقامة سلطة القانون وتنفيذ العقود المبرمة وتقييد سلطة الحكومات وتدخلها غير المبرر اي ان هذه المؤسسات تحمي الأفراد من بعضهم البعض وتحميهم من الحكومة نفسها لأن دور الحكومة هو وضع قوانين اللعبة بصورة يجمع عليها المجتمع والتأكد من التزام جميع الأطراف بهذه القوانين من غير تحيز لفئة على حساب فئة أخرى . بأختصار اذان فان المؤسسات والسياسات هي التي تحفز الأفراد والمؤسسات على ممارسة النشاط الأقتصادي وبالتالي فان هذه المؤسسات والسياسات اما ان تقود الى تراكم راس المال وزيادة الأبتكارات والمعارف أو انها تؤدي الى الكسب الريعي السريع والفساد والنهب بل ان السجل التاريخي يؤكد ان هناك دولا كانت غنية فاصبحت فقيرة بسبب ضعف مؤسساتها وسياساتها بينما هناك دولا كانت فقيرة فاصبحت غنية لأن تطورا حصل في سياساتها ومؤسساتها .
النمو الأقتصادي يعتبر اهم مؤشر على اداء الدول في مجال التنمية ولكن يظل النمو الأقتصادي لغزا لأن تفاعل المكونات السابقة يتفاوت من مكان الى آخر ومن وقت الى آخر ويبقى كذلك التساؤل قائما عن اتجاه التأثير والتأثر بين النمو ومكوناته. يُلاحظ على العموم في تحليل التنمية أو النمو أن أسباب النمو الاقتصادي أو مصادره تتركز في عوامل مثل:
• تزايد في مدخلات العمل: تنجم عن زيادة عدد السكان وتزايد معدلات المساهمة في النشاط الاقتصادي.
• تحسين في نوعية مدخل العمل: فالناس أصبحوا أكثر تعليماً وصحة مما كانوا عليه في الماضي. وكنتيجة فإن ما يمتلكه المجتمع من مخزون رأس المال البشري قد ارتفع مسهماً في إنتاجية أكبر.
• الزيادة في رأسمال الفيزيائي: وعلى الأمة، من أجل زيادة مخزونها من رأس المال الفيزيائي، أن تدخر، أي أن تتخلى عن بعض استهلاكها الحالي من أجل إنتاج السلع الرأسمالية التي تسمح باستهلاك مستقبلي أكبر. وتمكّن الإضافات إلى مخزون رأس المال الفيزيائي الأفراد من إنتاج أكبر في ساعة العمل أو بعبارة أخرى تزيد في الإنتاجية.
• اقتصاد الحجم: كلما ازداد حجم المؤسسة والسوق ينمو الاقتصاد. وتشير تجارب الأمم أن الناتج يفوق الزيادات في المدخلات.
• تحسين التكنولوجيا: تقدر إحدى الدراسات الحديثة "أن التقدم في المعرفة" قد أسهم بنحو 28% من إجمالي الزيادة في الناتج في الولايات المتحدة في الفترة ما بين 1929 و 1982 . إن المعلومات (المعارف) الجديدة عند تطبيقها على عمليات الإنتاج قادرة على تقليص كمية الموارد الضرورية لإنتاج المنتجات. وأيضاً إنها تقدم منتجات جديدة وتستعمل مواد لم تكن ذات قيمة اقتصادية. أو لم تكن تستعمل الاستعمال الاقتصاد.
• تحرير التجارة الخارجية ويضيف بعض الإقتصاديين هذا العامل لما له من أهمية على المدى البعيد ففي عالم اليوم أصبحت الصلة وثيقة بين التنمية الاقتصادية وبين التجارة الخارجية، فمعدل التنمية الاقتصادية يتوقف الى حد بعيد على التجارة الخارجية، كما ان هيكل التجارة الخارجية ومعدل نمو الصادرات والواردات، تتوقف الى حد بعيد ايضاً على التنمية الاقتصادية، والتنمية الاقتصادية تغير بالفعل التقسيم الدولي للعمل، كما ان التجارة الخارجية محاولة لضمان تحقيق اقصى نفع من الناتج القومي الاجمالي المتاح.
المبحث الرابع: العلاقة بين التجارة و تحريرها و النمو الإقتصادي:
إن الانفتاح تجارياً يخلق الثروات للمجتمعات مما يمكنها من تلبية احتياجاتها ويعزز تطورها الاقتصادي؛ أما إقامة الحواجز في وجه التجارة فيجعل وضع الناس والمجتمعات أسوأ إجمالاً مما كان عليه. وقد تعلمت الولايات المتحدة الأميركية هذا الدرس بعد فرض قانون الرسوم الجمركية المؤذي، المعروف بقانون سموت - هاولي، في العقد الثالث من القرن الماضي. ومنذ أن تخلت الولايات المتحدة الأميركية عن القانون المذكور، تصدرت العالم في فتح الأسواق الدولية مما غذى نمو الدول وتطورها وساعد في انتشال الملايين من الفقر. إلا أنه ما زال هناك الكثير مما ينبغي القيام به لتحقيق الفوائد التي ستنجم عن تحقيق تجارة حرة إلى حد أكبر في المنتجات الزراعية، والبضائع المصنعة، والخدمات، وسواها من المجالات. والدول النامية برأي البعض من المحللين ستستفيد إذا ما تم تحقيق الخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات التجارية متعددة الأطراف. فقد توصلت دراسات البنك الدولي إلى أنه يمكن انتشال عشرات الملايين من مستنقع الفقر عبر زيادة حجم التجارة العالمية.
لماذا تنعم بعض البلدان بنمو اقتصادي قوي بينما لا تنعم بذلك بلدان أخرى؟ بين عام 1975 وعام 2003 حقق أكثر من نصف عدد البلدان في العالم معدلات نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي للفرد تقل عن 1% (واحد بالمئة). وبالفعل ازداد فقراً ثلث العدد الإجمالي لجميع البلدان. وكان من المحتمل أن يكون هذا العدد حتى أكبر من ذلك، إذا كان للمرء أن يشمل فيه المعطيات من أكثر من 35 بلداً إضافياً مؤسساتها لا تملك حتى القدرة على جمع إحصائيات يُعتمد عليها.
وبصورة متزايدة، يسعى علماء الاقتصاد واختصاصيو التنمية لإيجاد ما يربط هذا الأمر بالتجارة. فإذا نظر المرء إلى العالم نظرة واسعة عبر القرن الماضي، يصعب عليه العثور على دليل ثابت يؤكد فوائد سياسة الحماية التجارية للمنتجات القومية. رغم ذلك، هناك أمثلة كثيرة على سوء تصميم سياسات حماية المنتجات القومية: السياسة الانعزالية التي اتبعتها الولايات المتحدة أثر انهيار سوق الأسهم عام 1929 سارعت في زيادة الركود الاقتصادي العظيم؛ ومشاريع بدائل الاستيراد التي نفذتها بلدان نامية خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي لم تُشجع النمو الاقتصادي؛ والشيوعية أعاقت نمو الإنتاجية، والابتكار، والحرية الاقتصادية. فسياسة الحماية التجارية لا تؤمّن أي فوائد مستديمة.
من جهة أخرى، فإن تحرير التجارة يؤمّن مساهمة ذات شأن في النمو الاقتصادي، وفي تخفيض مستوى الفقر، وتأمين الاستقرار حول العالم. تؤكد الدراسات الاقتصادية أن الدول التي تملك اقتصادات أكثر انفتاحاً تشارك أكثر في التجارة الدولية المتزايدة، وتحقق معدلات نمو أعلى من الاقتصادات الأكثر انغلاقاً. فمن بين البلدان النامية، حققت تلك البلدان التي تتعاطى بقدر أعظم في التجارة الدولية معدلات نمو أكبر بثلاثة أضعاف مما حققته بلدان شاركت بقدر أقل في التجارة الدولية خلال التسعينات من القرن الماضي.
تعتبر الصين والهند النموذجين الأكثر وضوحاً لقوة تحرير التجارة. فقبل ثلاثين عاماً، كان البلدان يعانيان من فقر واسع الانتشار. ولا زالا يملكان بشكل أساسي نفس الموارد الطبيعية الأساسية التي كانت لديهما في تلك الفترة. كما ظلت أنظمتهما السياسية بدون تغيير نسبياً على مر السنين. ولكن يتمتع اليوم البلدان بمعدلات نمو اقتصادي من بين أعلى المعدلات في العالم. فماذا تغير؟ فتحا أسواقهما أمام العالم، ساهما في تحقيق أعظم وأسرع هبوط في مستوى الفقر في التاريخ العالمي. أكدت المنظمة غير الحكومية اوكسفام في تقاريرها انه لو زاد كل بلد من بلدان أفريقيا وشرق وجنوب آسيا، وأميركا اللاتينية حصصها من إجمالي الصادرات العالمية بنسبة واحد بالمئة فقط لأدّت مكاسب الدخل القومي الناتجة عن ذلك إلى انتشال 128 مليون إنسان من حالة الفقر.
تخفض الرسوم الجمركية الأدنى من تكاليف الإنتاج للصناعات وتساعدها في التنافس على المستوى العالمي. تتوفر فرصة فريدة أمام البلدان النامية لحصد مكاسب التجارة الأكثر تحرراً لكن معدلات الرسوم الجمركية في تلك البلدان أعلى بنسبة هامة من تلك السائدة في العالم المتطور، و70 بالمئة من هذه الرسوم في البلدان النامية تُفرض على سلع مستوردة من بلدان نامية أخرى.
وهناك إدراك واسع لكون إصلاح التجارة الزراعية خطوة ذات شأن في مسعى توسيع التنمية الاقتصادية، وكون فتح منافذ الوصول إلى الأسواق الزراعية من خلال المفاوضات الجارية في منظمة التجارة العالمية يمكّن من إنقاذ الملايين من الناس من حالة الفقر. استناداً إلى البنك الدولي فقد تُشكّل زيادة إمكانية الوصول إلى الأسواق مقدار 93 بالمئة من الفوائد الممكن تخفيفها من خلال إصلاحات التجارة الزراعية العالمية. أما بالنسبة للبلدان النامية، فقد تتحقق كافة هذه الفوائد تقريباً من خفض رسومها الجمركية على مستورداتها.
لكن، ومن جهة أخرى، التجارة بمفردها لا تقود بصورة آلية إلى تحقيق النمو، وتوفير فرص العمل، وتخفيض مستوى الفقر. فإذا أرادت البلدان أن تستغل فوائد تحرير التجارة أكثر وتعزيز النمو الاقتصادي عليها أيضاً ان تُنشئ سياسات قومية سليمة أخرى: الحكم الصالح، حكم القانون، المؤسسات القوية، والسياسات النقدية والاقتصادية السليمة، والتزام الاستثمار في الإنسان. قد تكون هذه الأنواع من السياسات السليمة صعبة استدامتها حتى في افضل البيئات. إلا أن هناك بلدان نامية عديدة تشلّها سياساتها التي تكبت روح المبادرة الاقتصادية. المعدل الوسطي في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، لتأسيس شركة تجارية يستغرق أكثر من 63 يوماً كما يستهلك تسجيل الشركة أكثر من 200 بالمئة من الدخل الفردي السنوي. في حين انه في استراليا لا يستغرق هذا العمل أكثر من يومين ويستهلك نسبة 1.9 % من الدخل الفردي السنوي. ومع اتخاذ بلدان خطوات تنمية اقتصادات مستدامة، أصبح المستثمرون يشعرون بثقة اكبر في التجارة مع، والاستثمار في، هذه الأسواق. تساعد بيئة صديقة للأعمال في جذب استثمارات مباشرة أجنبية أكثر، وتساهم في خلق فرص علم أكثر، وتحقق إيرادات ونمو اقتصادي أكبر.
وقد اقترح الرئيس بوش برنامجاً لمساعدات التنمية أطلق عليه اسم حساب تحدي الألفية عام 2004م تستند مؤسسة تحدي الألفية التي تدير حساب تحدي الألفية إلى الدروس التي جرى تعلمها حول التنمية على مدى الخمسين سنة الماضية، والتي تربط السياسات الاقتصادية السليمة مع نشوء فرص جديدة للتجارة والاستثمار. تعمل مؤسسة تحدي الألفية بصورة أولية بمثابة برنامج للمساعدات ولكنها تساعد أيضاً في نشوء بيئة تدعم فوائد التجارة الأكثر تحرراً.
جعلت هذه الجهود الولايات المتحدة اكبر بلد منفرد مانح للمساعدات المتعلقة ببناء القدرة التجارية وقدمت لهذه المبادرة ما يزيد عن 1.3 مليار دولار في العام 2005، وتعهدت بمضاعفة هذا المبلغ إلى 2.7 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2010. واليوم، بدأت توفر المقاربة المبتكرة الأميركية في الربط بين التجارة، والمساعدات، والتنمية تأثيرها فقد أصبح بناء القدرة التجارية جزءاً متكاملاً من مفاوضات اتفاق التجارة الحرة.
يوفر لنا التاريخ والخبرة تبصراً مهماً أثناء استشفافنا لمستقبل نظام التجارة الدولية. وقد أصبحت التجارة، خاصة منذ الحرب العالمية الثانية، جزءاً لا يتجزأ من المحرك الذي يدفع التقدم الاقتصادي العالمي. فقد ساعدت دورات متعاقبة من اتفاقات تحرير التجارة الثنائية على أساس الاتفاقية العامة للتعرفات والتجارة (غات) ثم على أساس المؤسسة التي حلت محلها، منظمة التجارة العالمية، في إعادة تشييد الاقتصادات التي دمرتها الحرب في أوروبا، وأمنت سبيلاً أثبت نجاحه في تحقيق التنمية في الدول المستقلة الآخذة في التحديث في آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط ، وانتشلت مئات الملايين من الفقر.
وخلال العقود السبعة الماضية، دعم جميع الرؤساء الأميركيين بثبات، بدءاً بالرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت وحتى الرئيس (الحالي) جورج دبليو. بوش، تقليص الحواجز التجارية بين الولايات المتحدة وشركائنا حول العالم. كما كانوا جميعاً مقتنعين بالدور المحوري الذي تلعبه التجارة في تعزيز ارتفاع مستويات المعيشة وتشجيع مزيد من الازدهار وتوفير تشكيلة أوسع من الخيارات لمواطنينا ومواطني الدول الأخرى. ونتيجة لذلك، أصبحت الولايات المتحدة الاقتصاد الرئيسي الأكثر انفتاحاً في العالم، وشكل انفتاحها مصدراً واضحاً للقوة. ويقول معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن المداخيل الأميركية السنوية ارتفعت 1 مليون مليون (ترليون) دولار، أي 9 آلاف دولار للعائلة الواحدة، بفضل تحرير التجارة منذ العام 1945.
ونشاهد اليوم فترة تحول سريع في السوق العالمية. فقد انضم إلى الاقتصاد العالمي حوالى ألفي مليون عامل ومستهلك في فترة السنوات التي انقضت على انتهاء الحرب الباردة فقط، مع انهيار الحواجز السياسية والتقنية التي كانت تقف في طريق المشاركة في السوق. ويتعين علينا، لتمكين مزيد من الناس من تحقيق أحلامهم وإعالة عائلاتهم، إطلاق العنان لما تنطوي عليه التجارة من قدرة على التشجيع على مزيد من النمو الاقتصادي العالمي وت