أحيانا ونحن أخرى لما مضى.؟ لماذا نضيع في زخم الذكرى.؟ أهو الحنين إلى ماض قد ولى.؟ أم هروب من واقع طغى.؟ الجواب سيكون في الغالب بفرضية أن الكثير منا غير راض عن واقعه، ويتوق إلى ما هو أفضل، قد يبدو الأمر طبيعي، خاصة أن الإنسان متعطش دوما للمزيد وللأحسن، وينظر بعيون جاحظة إلى الأماني العريضة التي قد لا يتحقق الكثير منها مع مرور الأيام وتعاقب السنين، لكن ما سبب كل هذا الرفض والهروب.؟ الجواب، غياب الإيمان القوي وعدم التحلي بالقناعة والرضى. فكم من واحد ورغم ما حازه من مال لا يحس بالسعادة، ولو أن السعادة تشترى بالمال لصرف من أجلها أموالا كثيرة، على غرار قول الشاعر في تعظيم العقل.
لو كان العقل يشترى بالمال تغالى الناس في ثمنه./. فيا عجبا من يشتري بماله ما يفسد عقله.
إن ما يعيشه الإنسان المسلم اليوم من ضياع سببه الفراغ الروحي والإيماني على شاكلة ما حل بالإنسان الغربي الغير مسلم، والذي يعيش حياة من التيه، بسبب بعده عن الروحانيات وغياب الإيمان، الشيء الذي نتج عنه قلق نفسي داخل كيانه وشعوره بالضياع، وأمام هذا الضياع والتيه حاول هذا الإنسان المعاصر الغير مسلم أن يتقمص شخصيات مختلفة طمعا في أن تمنحه السعادة المنشودة والراحة النفسية، وهكذا نجده قد تقمص الشخصية العلمية التي حددها هكسلي في كتابه "الإنسان ذلك المجهول"، وتقمص الشخصية الجنسية التي رسمها فرويد في نظرياته حول طبيعة النفس البشرية، ثم تقمص شخصية رجل الاقتصاد التي وضعها ماركس في فكره الاشتراكي.
فرغم تعاقب هذه الأدوار لم يقف الإنسان الغربي على الشخصية التي تجعله يحس بكيانه ووجوده، رغم ما يغرق فيه من ترف المادة، والتي باتت تزيده وحشة على وحشة، وتبعده عن معرفة حقيقة كيانه التائه. ولعل إقدام بعض المشاهير في العالم بعد أن امتلكوا كل شيء على الانتحار دليل على الضياع النفسي و الفراغ الروحي.
وكم كان هذا الإنسان الغربي غافلا عن الإسلام، الذي أنزل أحكاما حكيمة جاءت في الخطاب القرآني تعمل على تربية النفوس على السمو الحضاري، مانعا بها كل ما من شأنه أن يدمر الحياة البشرية ويعيق تطورها ويعكر راحتها. وكهذا منع أسباب دمار العقول بتحريم شرب الخمر. ومنع أسباب دمار الاقتصاد بتحريم ربا الأموال. ومنع أسباب دمار المجتمع بتحريم الزنا.
وبالتالي لن يرتاح التائه والضائع ما لم يهتدي إلى الإسلام الذي يشفي قرأنه الصدور.
ومما قيل في الإسلام ما قاله برنارد شو "..أنه لن ينتعش العالم من كبوته إلا إذا أخذ بتعاليم الديانة الإسلامية ولابد لهذه النتيجة من نحو قرنين من الزمان".