السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في العالم المادي تتعدد وسائل الإقناع بالإعتماد على المغريات المرئية والواجهات البرّاقة
التي تسحر الأعين والآذان .. وفي لحظات الإنبهار يمكن تمرير أي فكرة بل وترسيخها في قعر المخ البشري .
ادوات وأساليب مختلفة "ومكلفة ماديا في بعض الأحيان " تستخدم وتُمارس في سبيل زرع الوهم
في أذهان المُستهدفين .. وبمجرد إقتناعهم تكون المهمة قد نجحت .
***
وعلى الصعيد الفردي وبالتحديد عندما يتنافس إثنان أو اكثر على إقناع بعضهم .. ربما يصل بهم
السُعار والتعطش للإنتصار الى تجاوز الخطوط الحمراء وتخطي حدود المألوف والإستعانة بمئات المصادر
المترامية والمتلاطمة والمشبوهة .. عندها تضعف نبرة المصداقية تدريجيا .. إلى أن تُفتقد كلياً
وتبقى المسألة مجرد أصوات فارغة تتصارع لفرض الرأي فقط .. في النهاية ينجح أسلطهم لسانا في الإقناع ..
ليجد نفسه قد حقق إنتصارا ساحقا .. بإعتبار أنه خدع غيره بشئ غير مقتنع به هو شخصيا .
***
عالم الشُبهات الذي يصنعه مثل هؤلاء .. يحتاج الى دمغ و قمع بالحُجة الواضحة البينة .. فطبيعة البشر
تميل دائما وتنجذب الى شعاع الحق .. وتتجه فطريا الى نافذة الحقيقة .. ذات المصدر الموثوق والمعروف .
لذلك نلاحظ أن كلمة الحق لدى " قوي الحجة " لا تحتاج الى جهد لإخراجها فهي تجري في شفته كجريان
المياه في الإنهار .. بالضبط كالصائغ الذي يملك الذهب الخام ويشكله بعدة أشكال .. قلائد .. خواتم ..
أقراط .. مختلف الأحجام والتصاميم النفيسة ... تجمعها حقيقة واحدة .. ومعدن واحد .
***
وبالرغم من ندرة أصحاب الحجة القوية مقارنة بأصحاب المهاترات والجدال الذين يغص بهم المجتمع
إلا ان صوت أولائك الأقلية يدحض جميع المزاعم الباطلة والإرهاصات الغريبة التي تظهر بين حين وآخر ..
فكلمة الحق دائما مسموعة .. وكل من يريد تجنبها والإلتفاف حولها لن يجد طريقا لتحقيق ذلك
سوى أن يتحين الفرصة التي يغيب فيها من يمتلك الحجة الواضحة المشرقة .
***
وفي ظل هذا الغياب سيبدأ عواء الظلام في التعالي .. وتنطلق معارك اصحاب الألسنة الطويلة
بإستخدام جميع الطرق والحيل والوسائل والأدوات اللازمة للإقناع .. باللعب على نقاط الضعف والقوة
والإستدلال بثقافات الشرق والغرب .. و استحضار الإمبراطوريات المتقدمة والمتأخرة .. و رحلات مطوله في
الرأسمالية والإشتراكية .. و الإستعانة برأي الأديان الآخرى .. واستعراض المكاسب الإقتصادية والمنافع
المادية العائدة من قبول هذا الرأي وذاك .... حرب إقناعية وحصار كلامي سيفضي في النهاية
الى رابح وخاسر .. والحقيقة تقول أن جميعهم خاسرون .
***
نحن نحتاج إلى قوي الحجة الذي يترجم ما نود قوله وما نؤمن به على شكل كلمات وعبارات وجمل .. توضع في
في قوالبها الصحيحة
فأشعة الحقيقة في طبيعتها واضحة جليّة .. " تحتاج فقط الى صياغة .. ولا تحتاج الى إقناع " .