الصغيره وانا

خرجت
من باب الشقه ورأسى تملؤه الافكار ....فاليوم السبت وبقى على يوم عقد قران
صديقتى ست ايام فقط...مازال القماش كما هو ولم يمسسه حد المقص الى الان..

هل ستستطيع مدام سلوى الوفاء بوعدها لى بان الفستان سيكون جاهزاً يوم الاربعاء؟؟

انها ايضاً تخيط فستان العروسه وحاجاياتها الاخرى ......هل ستنتهى فى الموعد؟؟

قطع افكارى صوت اله تنبيه عاليه فانتبهت اننى وصلت الى العماره التى تقطن
فيها ...بهذه السرعه ؟؟ ان حقاً التفكير يجعل الوقت يمضى دون ان اشعر...

هممت بالدخول من بوابه العماره ....لم اكد اضع قدمى على اول درجه حتى وجدت لعبه صغيره تتدحرج حتى استقرت امام قدمى مباشرهً..

سقطت من يد طفله جميله تقف فى شباك الشقه التى بالدور الارضى ...فى
تلقائيه وبعفويه انحنيت التقط اللعبه وامد يدى بها للطفله وانا ابتسم..

مدت يدها نحوى وعادت للخلف قليلاً فإقتربت منها اكثر وانا اواصل مد يدى
بلعبتها الصغيره وعادت مره اخرى للخلف فاقتربت اكثر هذه المره وانا انوى
وضع اللعبه فى يدها ...صرت قريبه جداً فوجدتها تقترب هى الاخرى ليس لتمسك
بلعبتها... ولكن لتتعلق برقبتى بشده وهى تضحك بصوتها الناعم البرئ وتقول
فى دلال :ماما!!

وفى لحظه دون ان استوعب ما يحدث تحول صوتها الى تهليل بفرح غامر :جدوووو جدووووو ماما جت يا جدووو

اتسعت عيناى فى دهشه ممزوجه بالحيره وانا احاول ان استوعب ما يحدث ..

حاولت الافلات برقه من بين قبضتيها الصغيرتين الا انها اطبقت ذراعيها حولى اكثر حتى كدت اختنق...

مرت لحظات لا ادرى مدى طولها من قصرها وانا فى تلك الدوامه العجيبه من
التشتت والتعجب وايضاً الشعور بالدفء والاحساس بالحنو نحو تلك الصغيره
الشقيه ...

ثم سمعت صوت سعال من داخل الشقه لرجل يقول فى صوت بدا عليه الوهن :اين انت يا صغيرتى؟

وجدت نفسى فى موقف محرج للغايه حين نظر الى وارتسمت على وجهه نظره لم افهم
معناها فى حينها ولكنها بالتاكيد لم تكن نظره تعجب على الرغم من غرابه
الموقف جداً..

فها هى الصغيره تحتضننى انا الفتاه الغريبه وتكاد تدخلنى عنوه من فتحه النافذه الصغيره!

حاولت مره اخرى الافلات من بين ذراعى الجميله المتشبثه فى حين تقدم نحونا
الرجل فى هدوء شديد وحاول فك يديها ونجح بصعوبه بالغه بعد لحظات من الشد
والارتخاء والضعف والقوه وهو يقول لها اتركيها الان يا "حبيبه" لا حول ولا
قوه الا بالله....

وتوجه بكلامه لى قائلاً :آسف جداً ارجو المعذره !!

اخيراً ارتخت القبضتين الصغيرتين القويتين رغم إرادة الفتاه.

وانا هززت رأسى وانا ارسم شبح ابتسامه فشلت ان تكتمل ...ولم انطق بكلمه واحده.

هممت ان اكمل طريقى صعوداً حين سمعته يقول لها وهو يغلق النافذه : ماما
عند ربنا دلوقتى يا حبيبه ...لماذا تصرين ان تنادى على كل امرأه فى الشارع
وتلقبينها ب ماما؟؟

وظل يهمهم قائلاً لاحول ولا قوه الا بالله ...

وتركنى واقفه......... صامتة........ دامعة.......... مندهشه........... وحزينه...

وظل لسانى يرددها ..حقاً (( لاحول ولا قوه الا بالله))